الجمعة، 13 يوليو 2012

دراسات كتابية سفر يشوع

                         
تفسير سفر يشوع 
الاصحاح الاول ( اختيار يشوع ، الله هو العامل )
      أُفتتح السفر بإعلان موت موسى وتسليم يشوع القيادة، وقد أبرز الوحي بكل وضوح في إعلان تسليم يشوع القيادة أن القائد الحقيقي هو الله، الذي يختار خدامه ويهبهم عونًا وحكمة، ويسندهم بشريعته "كلمته الإلهية"، ويرافقهم في كل عمل.
1. موت موسى ليملك يشوع         [1-2].   2. أمانة الله في وعوده              [3-4].
3. معيته للخدام                      [5-6].      4. شريعته كسفر للخدام             [7 ، 8].
5. الزاد الإلهي                      [10-11].   6. الدور الإنساني                    [12-18].
والآن اليكم الشرح آية آية  بنعمة الرب .
آية (1): "وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلاً."بعد موت موسى: الله أخفى موسى حتى لا يؤلهوه ويعبدوه. وكان لابد لموسى أن يموت حتى يظهر يشوع. فينتهي عهد الناموس لننعم بعهد النعمة. خادم موسى= من تواضعه لم يذكر أنه القائد.
آية (2): "موسى عبدي قد مات فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل."هنا نجد أن الله يذكر يشوع بما وعد به من قبل، أن يشوع سيصبح قائداً للشعب (تث23:31) ولاحظ أن يشوع يذكر أنه خادم موسى وهذا تواضع، والله يرفعه ليصير قائداً ورئيساً لشعبه وهذا يشبه (في2) أخلى ذاته أخذاً صورة عبد.. رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل إسم. فيشوع رمز للمسيح. قم أعبر الأردن.. وكل هذا الشعب إلى الأرض= الله أعطى لشعبه الأرض ميراثاً. وعليهم أن يعبروا الأردن أولاً وهو الآن في فيضانه (15:3) وهو عميق سريع الجريان ولكن الله سيوقفه من أجلهم. وهذه هي خطة الله لنرث ما أعده الله لنا في أورشليم السماوية (أرض ميعادنا) لكن علينا أولاً أن نعبر الأردن أي نموت ونخلع جسد بشريتنا بلا خوف من الموت، فالمسيح أبطل سلطانه ولم يعد له قوة كما توقف نهر الأردن عن السريان إلى البحر الميت (تفسير رقم I) وعلينا أن نجتاز في المعمودية فنموت مع المسيح ونقوم معه ونحيا في الأرض الآن صالبين أهوائنا مع شهواتنا حتى نخلع جسدنا العتيق (تفسير رقم II) وبكلا التفسيرين نحصل على التبني الكامل وبالتالي ميراث ملكوت السموات. ولاحظ أمر الله ليشوع قم.. أعبر فهو يأمر لأنه أي الله هو القائد الحقيقي لمسيرة الشعب. وبماذا يأمر؟ بالموت أي عبور الأردن كمقدمة للقيامة بالجسد الممجد. الذي نرث به الأرض السماوية. وكل هذا الذي حدث للشعب كان بسبب وجود يشوع مع تابوت العهد في وسطهم رمزاً لأن المسيح هو الذي حطم وكسر شوكة الموت بطاعته وموته وقيامته فهو القيامة والحياة وعلينا أن نثبت فيه فهو الطريق وهو القيامة فنقوم معه.
آية (3): "كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى."الله سبق وأكد لموسى أنه سيهبهم الأرض التي سبق فوعد بها الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب والله يظل أميناً في وعوده بالرغم من عدم أمانتنا (رو3:3،4). ولكن الله يعرف الوقت المناسب (ملء الزمان) الذي فيه يحقق وعده. وليس معنى أن الوعد قد تأخر تنفيذه أن الله لن ينفذ وعده، بل هو وحده يعرف الوقت المناسب ولاحظ قوله تدوسه بطون أقدامكم= فالله وعدهم بالأرض (من نعمته) ولكن عليهم الجهاد ليحصلوا عليها. فالله يعطي بلا حدود وجهادنا وإرادتنا هم الذين يصنعون الحدود. وهذا يشير لأهمية الجهاد مع عمل نعمة الله. وهناك رأى لبعض الآباء أن أرض كنعان التي وهبها الله للشعب تشير للمركز الذي كان لإبليس وجنوده قبل السقوط وبسقوطه وسقوطنا بغوايته وطأ قلوبنا تحت قدميه. وعلينا تحت قيادة يشوعنا الحقيقي المسيح يسوع أن نسترد أرضنا ونطأ إبليس وجنوده تحت أقدامنا (لو19:10) فنسترد قلوبنا ونحتل أيضاً المركز الذي كان لإبليس قبلاً. ولكن حتى أتمتع بمكان رئيس الشياطين في السموات علىّ الآن أن أتأهل بالرب يسوع أن أسحق الشيطان تحت قدمي (رو20:16) وهذا هو جهادنا الآن.
آية (4): "من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع ارض الحثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم."هذه الحدود المذكورة هنا تحدد أرض الميعاد وهذه الحدود تحققت فعلاً أيام داود وسليمان. والله يحدد لهم الأرض حتى لا يطمعوا في ضم الأراضي حولهم.
     من البرية= برية سيناء والعربية الصخرية حدوداً جنوبية. ولبنان= حدوداً شمالية. النهر الكبير= هو الفرات وهو الحد الشرقي. وإلى البحر الكبير= أي البحر المتوسط كحد غربي ولاحظ قوله البحر الكبير، لأن اليهود يقولون لفظ يم على كل تجمع مائي (يم أي بحر) فالبحر الميت يسمى يم وهكذا بحيرة طبرية فبالمقارنة معهما يصير البحر المتوسط هو البحر الكبير. جميع أرض الحثيين= الحثيين هم أقوى شعوب الكنعانيين، والله يعدهم بهذا ليطمئنهم ومكانهم شمال فلسطين (قض26:1) بين الفرات ولبنان (يش4:1) وبعضهم جنوب فلسطين بقرب حبرون "(تك3:23) وكأن معنى القول ستمتلكون حتى أرض الحثيين الأقوياء وإذا حدث هذا فمن المؤكد أنكم ستمتلكون باقي أراضي الكنعانيين.. وروحياً نلاحظ أن أرض الميعاد تبدأ حدودها بالبرية الخربة فخارج المسيح خراب وما يدخله المسيح يعطيه أن يصير جنة مثمرة تفرح قلب الله (لبنان). وهكذا بالمسيح نتحول من برية خربة إلى السموات نفسها. وهذه الجنة يرويها النهر الكبير (رؤ1:22) رمزاً للروح القدس (الذي يبدأ عمله مع الإنسان من لحظة المعمودية) حتى السماء. ويظل أيضاً خارج أرض الميعاد البحر الكبير بمياهه المالحة التي لا تروى وأمواجه المضطربة رمز للعالم.وإذا فهمنا أن البحر يشير للعالم والأمم الذين فيه، تكون هذه الآية نبوة عن دخول الأمم إلى الإيمان لأننا نلاحظ قوله نحو مغرب الشمس يكون تخمكم= أي حدودكم يحددها مكان مغرب الشمس. والشمس إذا غربت عن مكان تشرق في مكان آخر من العالم أي إشراقها دائم على كل الأرض. والمسيح شمس برنا حين أشرق، أشرق على كل المسكونة والإيمان به أمتد إلى كل العالم.
الآيات (5،6): "لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك كما كنت مع موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك. تشدد وتشجع لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم."هنا نرى أن الله هو العامل الحقيقي في هذا الخلاص، هو الذي يختار يشوع وهو الذي يسنده ويسند الشعب وهو أمين في تحقيق مواعيده. الله دعا يشوع للعمل ولكن ليكون الله نفسه هو العامل به وفيه. ونحن مع الله ندرك أننا مختفين فيه وهو القائد الحقيقي للمعركة فلا نخاف من قوات الظلمة فهي ليست ثائرة علينا بل على القائد الإلهي نفسه. لذلك يقول الله لا أهملك ولا أتركك= فالله يريد أن يكون خدامه مملوئين رجاء وثقة فيه (2كو14:2 + رو37:8) ومن يهمله الله يتركه الله يدافع عن نفسه ومن لا يهمله الله يدافع الله عنه. وليس معنى هذا أننا لن نجد مقاومين بل معنى لا يقف إنسان في وجهك= أي لا يثبت إنسان في وجهك وشروط هذا الوعد حتى يتحقق [1] الإيمان [2] طاعة وصايا الله (يش11:7،12). ونحن لنا مقاومين هم قوات شر روحية وعلينا بإيمان أن لا نخاف منهم (أف12:6) بل تشدد وتشجع= فيشوع خاف من قيادة هذا الشعب المتمرد، وخاف من المدن المحصنة. وكل خادم يخاف من خدمة النفوس الشريرة ويرى صعوبة توبتها لا يدري أن الله هو الذي يقود هذه النفوس للتوبة وليس الخادم نفسه.
 الآيات (7،8): "إنما كن متشددا وتشجع جداً لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يميناً ولا شمالاً لكي تفلح حيثما تذهب. لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهاراً وليلاً لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح."هنا ثلاث أمور هامة لتنجح أي خدمة:
1.     الإيمان: تشجع.. لكي تتحفظ= تتحفظ أصلها تنتبه وتراقب وتصون وتحترز وهو يستطيع أن يفعل هذا لو تشجع فكلمة لكي عائدة على تشجع أي آمن بالله وكن شجاعاً.
2.     طاعة الوصية: لا تمل عنها يميناً ولا شمالاً لكي تفلح= قارن مع (مز3:1). والتشبيه هنا أن الوصية كطريق مستقيم عليه أن يتنبه أن لا يحيد عنه وإلاّ ضل هدفه.
3.     التمسك بشريعة الله واللهج فيها: لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك= كلمة الله هي السلاح الحقيقي للخادم عليه أن يحيا بها.
الآيات (9،10) " اما امرتك تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لان الرب الهك معك حيثما تذهب. فأمر يشوع عرفاء الشعب قائلاً."عرفاء الشعب= كان هؤلاء العرفاء هم المدبرين الذين يعملون تحت المسخرين المصريين لحساب عد الطوب (خر6:5) وعملوا كرؤساء ألوف ومئات وعشرات كنواب للرئيس وكقادة للجيش لتحقيق العدالة وقيادة الشعب بعد الخروج (تث15:1)
آية (11): "جوزوا في وسط المحلة وأمروا الشعب قائلين هيئوا لأنفسكم زاداً لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون الأردن هذا لكي تدخلوا فتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب إلهكم لتمتلكوها."إصحاح (2) الذي يتكلم عن حادثة الجاسوسين سبق هذه الآيات زمنياً.هيئوا لأنفسكم زاداً= كلمة زاد تشير لكل أنواع الطعام حتى لحوم الحيوانات، وحتى هذه اللحظة كان الشعب يقتات على المن. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وربما بدأ المن يقل استعداداً لدخولهم أرض الميعاد حيث يجدون الحنطة الجديدة. لذلك يطلب منهم إعداد الزاد للمسيرة. والمن كان قد توقف بعد دخولهم أرض الميعاد. ولكن روحياً نفهم أن الزاد هو روحي استعداداً لهذا العمل العظيم وليس الزاد المادي فقط، بل أن بعض الكتاب اليهود فهموها هكذا. ونحن محتاجين للزاد السماوي استعداداً ليوم دخولنا كنعان السماوية. وهذا الزاد السماوي هو إقتناء حياة المسيح المقامة كحياة لنا ويكون هذا بأن نلهج في كلمة الله ليلاً ونهاراً وننفذ وصاياه في إيمان قوي غير خائفين إنتظاراً للقيامة العامة التي تشير لها رقم (3) بعد ثلاثة أيام تعبرون. لاحظ أن الله معنا ويشددنا ولا يطلب سوى أن لا نكف عن جهادنا حتى ندخل أرض الميعاد. وعلينا أن لا نرهب ولا نخاف حتى يأتي في مجيئه الثاني.
الآيات (12-18): "ثم كلم يشوع الرأوبينيين والجاديين ونصف سبط منسى قائلاً. اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب قائلا الرب إلهكم قد أراحكم وأعطاكم هذه الأرض. نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تلبث في الأرض التي أعطاكم موسى في عبر الأردن وأنتم تعبرون متجهزين أمام اخوتكم كل الأبطال ذوي البأس وتعينونهم. حتى يريح الرب اخوتكم مثلكم ويمتلكوا هم أيضاً الأرض التي يعطيهم الرب إلهكم ثم ترجعون إلى أرض ميراثكم وتمتلكونها التي أعطاكم موسى عبد الرب في عبر الأردن نحو شروق الشمس. فأجابوا يشوع قائلين كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب. حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى. كل إنسان يعصى قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل إنما كن متشددا وتشجع."الله كان قادراً أن يخلص التسعة أسباط ونصف دون جهاد السبطين ونصف لكن الله يقدس العمل البشري والوحدة، فألزمهم بالعمل مع أخوتهم ما دامت لهم قوة للعمل، وما داموا قادرين على الجهاد، فالله لا يستخدم المعجزات إلا بالقدر الذي لا يوجد فيه طريق آخر للخلاص سوى المعجزة. فالله لا يحتقر بل يطلب جهاد الإنسان ولكن الإنسان في جهاده عليه أن يعرف أن المعونة هي من الله "ليس الزارع ولا الساقي بل الله الذي ينمي ولكن لابد من وجود الزارع والساقي حتى ينمي الله العمل" وفي آية (13) أراحكم= أعطاكم أرض شرق الأردن. ولكن من أراحه الله لا يعيش لنفسه بل للآخرين وفي (17) نجد طاعة السبطين ونصف بل هم يصلون من أجل يشوع = الرب معك وفي (18) نجدهم يضعون قانون بالموت لمن يخالف يشوع.
الاصحاح الثاني
آية (1): "فأرسل يشوع بن نون من شطيم رجلين جاسوسين سراً قائلاً اذهبا انظرا الأرض وأريحا فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك."
     أريحا= تبعد 5ميل عن نهر الأردن، 20 ميل عن أورشليم في اتجاه شمال الشرق. وكانت خطة يشوع العسكرية أن يبدأ بأريحا فهي قائمة عند مدخل الممرات الجبلية المؤدية للبلاد الكنعانية، فهي المدخل الشرقي لكنعان ومن يحتلها يسهل دخوله لكل المدن الهامة. ويشوع فضل أن يكون دخوله من الشرق وليس من الجنوب فمن ناحية الجنوب توجد تحصينات قوية لسبب خوفهم من مصر فضلاً عن أن إقتراب جيوشه من مصر سيكون سبباً في مناوشات عسكرية مع مصر وهو لا يريد هذا، ومن ناحية أخرى فتحصينات الكنعانيين من ناحية الشرق ضعيفة فهم اعتمدوا على الأردن كعائق مائي يحول دون تقدم جيوش الأعداء. ويشوع أرسل جاسوسين ليعرفا طرق الاقتراب لأريحا ويعرفا استعدادات الدفاع. فالجواسيس والخطط العسكرية لا مانع منها فمع وعود الله لا مانع من التخطيط والتدبير.
     امرأة زانية اسمها راحاب= كانت صاحبة خان (فندق) لذلك نزل الجاسوسين عندها وكلمة صاحبة خان وكلمة زانية تقريباً هما نفس الكلمة، فقديماً كانت صاحبة الخان ليست بعيدة عن الشبهات في نظر الناس. ولعل سلمون زوجها كان أحد الجاسوسين (مت5:1) وعموماً فسلمون زوجها هو شخص من سبط يهوذا وهو أبو بوعز زوج راعوث وراحاب هذه بإيمانها صارت رمزاً لدخول الأمم للإيمان بل صارت أماً للمسيح. فالله لا يرفض الأمم بل يرفض رجاساتهم. وهنا نرى الجانب البشري في الخلاص ألا وهو الإيمان الحي العامل الذي جعل راحاب تحمي الجاسوسين وتطلب حمايتهما لها ولأسرتها. وإن كان يشوع يرمز للمسيح فالجاسوسين يرمزان لتلاميذ المسيح وهم إثنين رمز لإرسال المسيح رسله لليهود والأمم. ولاحظ أنه كان هناك عشرات الأماكن في أريحا يمكن أن يذهب لها الجاسوسين لكنهما ذهبا إلى راحاب وهذه ليست مصادفة فلا توجد مصادفات في حياتنا بل هو تدبير إلهي محكم. فلو ذهب الجاسوسين لأي أحد آخر غير راحاب لقتلا ولما آمنت راحاب. إذاً كل أمور حياتنا ليست من تدبير المصادفات بل هي يد الله التي تقود دون أن ندري. وراحاب هذه آمنت بالله فوجدت خلاصاً رغماً عن خطاياها السابقة. وهي سمعت عن عمل الله مع الشعب كما سمع كل أهل المدينة وهي وحدها آمنت، فالإيمان مسئولية شخصية بل طلبت حماية الشعب لها وهذا هو الإيمان العملي الذي خلصها (عب31:11 + يع25:2). ولاحظ خلاص راحاب بإيمانها بينما هلك شعب الله وماتوا في البرية بسبب عدم الإيمان. فراحاب إذاً اغتصبت بإيمانها المواعيد الإلهية وتوبتها، والتوبة كما يقول الآباء تحول الزاني لبتول.
St-Takla.org Image: Rahab the harlot hiding the spies (Joshua 2:6) صورة في موقع الأنبا تكلا: راحاب الزانية تخبئ الجاسوسان - يشوع 2: 6
صورة في موقع الأنبا تكلا: راحاب الزانية تخبئ الجاسوسان - يشوع 2: 6
الآيات (2-5): "فقيل لملك أريحا هوذا قد دخل إلى هنا الليلة رجلان من بني إسرائيل لكي يتجسسا الأرض. فأرسل ملك أريحا إلى راحاب يقول اخرجي الرجلين اللذين أتيا إليك ودخلا بيتك لأنهما قد أتيا لكي يتجسسا الأرض كلها. فأخذت المرأة الرجلين وخبأتهما وقالت نعم جاء إلى الرجلان ولم اعلم من أين هما. وكان نحو انغلاق الباب في الظلام انه خرج الرجلان لست اعلم أين ذهب الرجلان اسعوا سريعاً وراءهما حتى تدركوهما."
     هاج ملك أريحا على الجاسوسين، وروحياً نفهم أن مع كل إرسالية إلهية أو عمل إلهي يهيج عدو الخير ليبعث إرسالية شيطانية بقصد تحطيم الإيمان (إيمان راحاب) وإرهاب خدام الله (الجاسوسين). نحو إنغلاق الباب= قرب الوقت الذي يغلق فيه باب المدينة.
آية (6): "وإما هي فأطلعتهما على السطح ووارتهما بين عيدان كتان لها منضدة على السطح."
     منضدة= كانوا يرصون عيدان الكتان بعضها فوق بعض بنظام خاص. وكانوا يضعونها على السطح تحت ضوء وحرارة الشمس لتيبس ثم يأخذون الألياف لتغزل وتنسج، والعيدان يستخدمونها كوقود. وإذا فهمنا أن الكتان في بياضه يرمز للحياة السماوية النقية يصير لما فعلته راحاب معنى روحي رائع. فالمسيح أرسل رسله إلى الأمم= يشوع أرسل الجاسوسين إلى أريحا (وإلى راحاب). والأمم آمنوا بالمخلص بقلوبهم وأخفوا إيمانهم في قلوبهم= وراحاب أخفت الجاسوسين في منزلها. والإيمان جعل المؤمنين يرتفعون لحياة سماوية نقية = كما صعدت راحاب للسطح والكتان رمز للنقاوة.
آية (7): "فسعى القوم وراءهما في طريق الأردن إلى المخاوض وحالما خرج الذين سعوا وراءهما أغلقوا الباب."
     المخاوض= المعابر التي يعبرون فيها نهر الأردن خوضاً بالقدمين وهي الأماكن الضحلة أو بالقوارب والجسور في الأماكن العميقة.
الآيات (8-11): " و اما هما فقبل ان يضطجعا صعدت اليهما إلى السطح. وقالت للرجلين علمت ان الرب قد اعطاكم الارض وان رعبكم قد وقع علينا وان جميع سكان الارض ذابوا من اجلكم. لاننا قد سمعنا كيف يبس الرب مياه بحر سوف قدامكم عند خروجكم من مصر وما عملتموه بملكي الاموريين اللذين في عبر الاردن سيحون وعوج اللذين حرمتموهما. سمعنا فذابت قلوبنا ولم تبق بعد روح في انسان بسببكم لان الرب الهكم هو الله في السماء من فوق وعلى الارض من تحت."
     هذا الكلام تحقيق لنبوة موسى (خر14:15-16) بل لاحظ أن راحاب استخدمت نفس كلمات موسى "ذابوا من أجلكم" فأعمال الله بل حتى نشيد موسى وصل لهم. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.
آية (12-17): " فالان احلفا لي بالرب واعطياني علامة امانة لاني قد عملت معكما معروفا بان تعملا انتما ايضا مع بيت ابي معروفا. وتستحييا ابي وامي واخوتي واخواتي و كل ما لهم وتخلصا انفسنا من الموت. فقال لها الرجلان نفسنا عوضكم للموت ان لم تفشوا امرنا هذا ويكون اذا اعطانا الرب الارض اننا نعمل معك معروفا و امانة. فانزلتهما بحبل من الكوة لان بيتها بحائط السور وهي سكنت بالسور. و قالت لهما اذهبا إلى الجبل لئلا يصادفكما السعاة واختبئا هناك ثلاثة ايام حتى يرجع السعاة ثم اذهبا في طريقكما. فقال لها الرجلان نحن بريئان من يمينك هذا الذي حلفتنا به."
     هناك سؤال!! ألم تخن راحاب شعبها؟ بل هي كانت على ثقة أن الله يريد هذا وهي أطاعت الله أكثر من الناس وهي تأكدت من هلاك أريحا بأمر الرب فربطت نفسها مع شعب الله. وها نحن بالإيمان متأكدون من هلاك العالم أو على الأقل أننا نحن سنموت ونترك العالم فهل ربطنا أنفسنا بالله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومحبة راحاب لأهلها هو نفس ما ردده بولس الرسول (رو1:9،2) فإيمانها لم يكن فيه أنانية ولا إنعزالية.
     هذه المرأة الأممية التي شربت التعاليم الوثنية وتعلمت عبادة الأوثان والزنا حينما سمعت ما عمله الله مع شعبه صدقت الواقع والنبوات وتركت كل الجهل الذي عاشت فيه وآمنت بل طلبت وتشفعت عن أهلها. وهي غالباً سمعت عن طريق نزلاء فندقها عن عمل الله مع شعبه ولذلك سمع كل سكان أريحا. لكنها هي وحدها استجابت لعمل الله في قلبها.
الآيات (18-21): " هوذا نحن ناتي إلى الارض فاربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي انزلتنا منها واجمعي اليك في البيت اباك وامك واخوتك وسائر بيت ابيك. فيكون ان كل من يخرج من ابواب بيتك إلى خارج فدمه على راسه ونحن نكون بريئين واما كل من يكون معك في البيت فدمه على راسنا اذا وقعت عليه يد. و ان افشيت امرنا هذا نكون بريئين من حلفك الذي حلفتنا. فقالت هو هكذا حسب كلامكما وصرفتهما فذهبا وربطت حبل القرمز في الكوة."
     الحبل القرمزي= قال بعض المفسرين أن الحبل القرمزي هو نفس الحبل الذي نزل عليه الجاسوسين من الكوة وهو نفسه الذي كان على راحاب أن تربطه على كوتها والبعض قالوا بل هو حبل آخر. والحبل القرمزي يشير لدم المسيح "فبدون سفك دم لا تحدث مغفرة" (عب22:9 + 1بط18:1،19). فإذا فهمنا هذا لابد أن يكون الحبل الذي نجا به الجاسوسين هو نفس الحبل الذي نجا به بيت راحاب وراحاب نفسها، والحبل يرمز لدم المسيح. وهذا هو نفس ما حدث للشعب الذي نجا بدم خروف الفصح ليلة الخروج من مصر حينما وضعوا الدم على أبوابهم. ولاحظ أن من سيكون خارج البيت في الحالتين يهلك والبيت يرمز للكنيسة فلا خلاص خارج الكنيسة.
آية (22): "فانطلقا وجاءا إلى الجبل ولبثا هناك ثلاثة أيام حتى رجع السعاة وفتش السعاة في كل الطريق فلم يجدوهما."
     غالباً حدد ملك أريحا 3 أيام للسعاة يفتشون خلالها عن الجاسوسين لذلك طلبت منهم راحاب أن يختبئوا 3 أيام في الجبل. وروحياً الجبل يشير للمسيح (دا 34:2،35) الذي يجب أن يختبئ فيه كل من يريد أن ينجو ويهرب من يد إبليس أي ملك أريحا وجنوده السعاة الذين يسعون لهلاك كل مؤمن. لذلك نصلي رفعت عيني إلى الجبال (مز1:121). ولذلك طلب إبليس من المسيح أن يلقي نفسه من على الجبل فهو يحب أن يسقط كل إنسان ليتحطم. ولاحظ أن رقم (3) يتكرر فعلينا أن نظل محتمين بالجبل ثابتين فيه حتى قيامتنا بالجسد الجديد أو بثباتنا فيه تكون لنا الحياة المقامة مع يسوع القائم من بين الأموات، الحياة المنتصرة.
الآيات (24،23): "ثم رجع الرجلان ونزلا عن الجبل وعبرا وأتيا إلى يشوع بن نون وقصا عليه كل ما أصابهما. وقالا ليشوع أن الرب قد دفع بيدنا الأرض كلها وقد ذاب كل سكان الأرض بسببنا."
     إن الرب قد دفع بيدنا= لقد نزلا الجاسوسين عن الجبل لا ليتركوا الحياة المقامة بل ليبشروا بما نالوه من قوة الإيمان وما نالوه من عون إلهي. هم نزلوا لإخوتهم ليفرحوا قلوبهم فيصعد الجميع للجبل ويحصل الجميع على الحياة المقامة.
     ما أعظم راحاب التي قبلت الإيمان (الجاسوسين) وتحولت حياتها الزانية لطهارة (الكتان) واحتمت بدم المسيح (القرمز) وتشفعت عن أهلها ليخلصوا مثلها.


الاصحاح الثالث ( عبور نهر الأردن )
الآيات (1-4): "فبكر يشوع في الغد وارتحلوا من شطيم وأتوا إلى الأردن هو وكل بني إسرائيل وباتوا هناك قبل أن عبروا. وكان بعد ثلاثة أيام أن العرفاء جازوا في وسط المحلة. وأمروا الشعب قائلين عندما ترون تابوت عهد الرب إلهكم والكهنة اللاويين حاملين إياه فارتحلوا من أماكنكم وسيروا وراءه. ولكن يكون بينكم وبينه مسافة نحو ألفي ذراع بالقياس لا تقربوا منه لكي تعرفوا الطريق الذي تسيرون فيه لأنكم لم تعبروا هذا الطريق من قبل."
     عبور نهر الأردن إلى كنعان أرض الميعاد يشير لموتنا بالجسد الذي بعده ندخل إلى كنعان السماوية ويشير لموتنا الآن عن خطايانا بعد أن متنا مع المسيح في المعمودية وقمنا معه. لذلك فعبور الأردن يشير لقيامتنا بالجسد الممجد بعد مجيء المسيح الثاني وعربون هذا هو قيامتنا بالمعمودية مع المسيح الآن في هذا العالم ولذلك نجد تكرار رقم (3). وكان بعد 3 أيام = إذاً العبور كان في اليوم الثالث لأن القيامة كانت في اليوم الثالث ورقم 3 يشير أيضاً للثالوث ويشير للروح القدس الأقنوم الثالث وبهذا يكتمل المعنى فلا عبور في مياه المعمودية دون إيمان بالثالوث الأقدس حيث نتقبل البنوة للآب، بعمل الروح القدس
     والعضوية في جسد الإبن الوحيد ويقوم الروح القدس المحيي بتثبيتنا في الابن. فالحياة المقامة مع المسيح رمزها رقم (3) (إيمان بالثالوث الأقدس/ القيامة في اليوم الثالث/ عمل الروح القدس المحيي في الأسرار خصوصاً المعمودية وهو الأقنوم الثالث) فالمعمودية إذاً هي تمتع بعمل الثالوث الأقدس في حياتنا الآن كعربون لما سنحصل عليه بعد موتنا بالجسد وحصولنا على الجسد الممجد والتبني الكامل (رو23:8). لذلك وقف الشعب مع يشوع 3 أيام قبل عبور الأردن، هذا هو سر الأيام الثلاثة. سر القيامة مع المسيح في اليوم الثالث فلا عبور في الأردن وتمتع بإمكانيات المعمودية إلا خلال الدفن مع السيد 3 أيام والقيامة به ومعه. والمسيح مات بالجسد ودفن أما نحن فنموت عن الخطية الآن، فإن فعلنا نشاركه القيامة والحياة حتى إذا إنتهى طريق حياتنا الأرضي بالموت يكون لنا التمتع بالجسد المقام الممجد في كنعان السماوية. وحينما نثبت الآن في المسيح بتوبتنا وموتنا عن خطايانا يكون موتنا بالجسد هو إنتقال كما حدث للشعب ولم يكن لنهر الأردن سلطان أن يقتلهم ونحن لن يكون للموت سلطان علينا "أين شوكتك يا موت" ولكن كيف حصلنا على هذا؟ بينكم وبينه 2000 ذراع بالقياس. رقم 2 يشير للتجسد. فالمسيح بتجسده جعل الاثنين واحداً (أف14:2)وصرنا من لحمه وعظامه أعضاء جسمه (أف30:5). ورقم 1000 يشير للسماويات فنحن في المسيح صارت لنا حياة سماوية (اف6:2). فإمكانية أن تكون لنا حياة سماوية مقامة في المسيح كانت بالتجسد.
     من شطيم= في شطيم كان للشعب ذكريات أليمة حيث أخطأوا مع بنات موآب وعبدوا بعل فغور وضربهم الله بالوبأ ومات منهم 24000 وهناك مات موسى. وهذا هو حالنا قبل المسيح وتجسده، وقبل المعمودية الآن والحياة المقامة مع المسيح، فما قبل المسيح خطية وعقوبة، لعنة وموت. ولكن لاحظ قول الكتاب ارتحلوا من شطيم وأتوا إلى الأردن فبالمسيح نترك عالم الخطية والموت (شطيم) ونأتي بالمعمودية (الأردن) للحياة المقامة هنا استعداداً وعربوناً لكنعان السماوية. والكهنة اللاويين حاملين إياه= حمل التابوت كان عمل القهاتيين ولعظم المناسبة حمله الكهنة ولأن المعمودية هي عمل الكهنة وعبور الأردن يشير للمعمودية. نحو ألفي ذراع= [1] مسافة كافية لكي يراه كل واحد فيستطيع أن يتبعه [2] لا جمهرة حوله من الشعب وفي هذا احترام للتابوت ولا تزاحم حوله. [3] كان التابوت غير محاط بالجند والشعب ليحموه فهو الذي يحميهم وليس هم الذين يحمونه. وهذه المسافة 2000ذراع حوالي 1000متر تقريباً. لا تقربوا منه= لأن التزام الشعب أن يبقى على بعد حوالي 2000 ذراع يشير إلى أن مؤمني العهد القديم ككل وإن كانوا ينعمون بالخلاص لكن عن بعد، خلال الرموز والنبوات، خلال الظلال وشبه السمويات لأن التجسد لم يكن قد حدث بعد. ولكن بعد التجسد صار هو الطريق والحياة بل صار هو يحملنا فيه وهو فينا وفي وسط كنيسته يقودنا بلا مسافات. لأنكم لم تعبروا هذا الطريق من قبل= يشوع ينبههم أن لا يحاولوا الاقتراب من التابوت بسبب خوفهم من الطريق الذي لم يسلكوه من قبل أي عبور نهر الأردن. ولكن هذا الكلام له صدى آخر عندنا ومعناه [1] لا تندهشوا وصدقوا أن المسيح قادر أن يقودكم في طريق القداسة في هذا العالم ويعطيكم حياة مقامة [2] لا تخافوا من الموت، الطريق الذي لم تسلكوه من قبل فإن كنتم ثابتين في المسيح فهو الطريق وهو القيامة وهو الحياة. ولاحظ عبور يشوع والتابوت وسطهم رمز لعبور يسوع كمخلص لنا. ويشوع مع التابوت مع الكهنة حاملي التابوت يشيروا للمسيح وسطنا وهو رئيس كهنتنا الذي يشفع فينا والتابوت يشير لكلمة الله في وسطنا "لوحي الشريعة" وغطاء التابوت يشير لعمل المسيح الكفاري الذي لا يطلب دينونتنا إن كنا ثابتين فيه.
آية (5،6): "وقال يشوع للشعب تقدسوا لأن الرب يعمل غداً في وسطكم عجائب. وقال يشوع للكهنة احملوا تابوت العهد واعبروا امام الشعب فحملوا تابوت العهد و ساروا امام الشعب."
تقدسوا= طالبهم يشوع بالتقديس ليروا عجائب الله في وسطهم، وهذه العجائب ليست ثمن تقديس أنفسهم بل هي عطايا مجانية تقدم لمن يعلن اشتياقه وإيمانه بعمل الله خلال جديته واستعداده لقبول نعم الله وعطاياه. والتقديس بالنسبة لليهود كان بالتوبة والامتناع عن كل ما ينجس والاغتسال بماء وغسل ثيابهم، كل هذا ليجذب إنتباههم وتركيزهم على المعجزة التي ستحدث، ولكل من يريد أن الله يعمل معه أن يتقدس ومن يتقدس يدرك عمل الله ولكن لنفهم أن عمل الله ليس ثمناً لجها----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------دنا.
الآيات (8،7): "فقال الرب ليشوع اليوم ابتدئ أعظمك في أعين جميع إسرائيل لكي يعلموا أني كما كنت مع موسى أكون معك. وأما أنت فأمر الكهنة حاملي تابوت العهد قائلاً عندما تأتون إلى ضفة مياه الأردن تقفون في الأردن."
     اليوم ابتدئ أعظمك= يشوع يرمز للمسيح الذي رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل اسم (في9:2-11). ولنلاحظ أن عظمة يشوع إرتبطت بعبور الأردن ولنلاحظ:-
1. عبور الأردن بحسب تفسير I أنه الموت بالجسد. إذاَ عظمة المسيح ظهرت في قيامته من الموت منتصراً على الموت بل أعطى للبشر أيضاً أن يقوموا هم أيضاً.
2. عبور الأردن بحسب تفسير II أنه المعمودية. فالمسيح تعمد في الأردن وعند خروجه من الماء عظمه الآب بشهادته له "هذا هو ابني الحبيب.." "(مت17:3) ولقد تعظم المسيح أيضاً بما أعطاه لنا حيث صرنا نحمل الثالوث المقدس نفسه. وصرنا هيكلاً لله نتقبل روحه القدوس فينا خلال سر الميرون وصار ملكوت الله داخلنا (لو21:17) يسكن الله فينا يملك علينا (راجع رو6).
    ما كان ممكناً للشعب أن يعبروا ما لم يتقدم يشوع والكهنة حاملي التابوت ويقفوا في الأردن.
     عندما تأتون إلى ضفة مياه الأردن تقفون في الأردن= وهذه صورة رمزية لحقيقة الخلاص فما كان لنا أن ننعم بالحياة الجديدة ولا أن نجتاز الأردن بقوة ما لم يدخل يسوعنا المحيي الأردن بنفسه ويقف فيه لكي يحملنا على كتفه وينطلق بنا إلى ملكوته. لقد دفن يسوع في القبر كما وقف يشوع في الماء مع التابوت. ولم تؤثر المياه ولم تغرق يشوع كما أن الموت لم يستطع أن يحبس المسيح بل قام منتصراً على الموت. هذا هو سر عظمة المسيح. وهو كقائد لنا حينما نسلمه قيادة أنفسنا يعبر بنا من الموت إلى الحياة ومن شطيم إلى الأردن أي من الخطية إلى التقديس والحياة المقامة معه. ولاحظ أنهم وقفوا في الأردن حتى عبر الجميع وهذه هي نفس صورة سفر الرؤيا (11:6) فمن سبقنا إلى الراحة سيستمر في هذه الحالة إلى أن يكمل باقي أعضاء جسد المسيح عملهم على الأرض ويكمل جسد المسيح (كو24:1 + رؤ 11:6).
آية (9،10): " فقال يشوع لبني اسرائيل تقدموا إلى هنا واسمعوا كلام الرب الهكم. ثم قال يشوع بهذا تعلمون أن الله الحي في وسطكم وطرداً يطرد من أمامكم الكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين والجرجاشيين والاموريين واليبوسيين."
    بهذا تعلمون= هناك علامة سترونها وهي وقوف الماء وإنشقاق الأردن فإذا رأيتم هذه العلامة العجيبة وسلطان الله على الطبيعة فتأكدوا من أن الله سيكمل باقي وعوده ويطرد من أمامكم باقي الأمم فالله في وسطكم ولاحظ قوله الله الحي= لأن نزول الأردن يشير للموت ووصفه بالحي هو مقارنة مع آلهة الشعوب المذكورة وهي آلهة ميتة لم تستطع حماية شعوبها. وهنا نلحظ:- خطين رئيسيين في ليتورجيا المعمودية
1. إقامة مملكة المسيح بظهوره وسط أولاده، ساكناً فيهم.
2. طرده وتحطيمه مملكة إبليس المرموز إليها بهذه الأمم الوثنية ونهاية إبليس البحيرة المتقدة
آية (11): "هوذا تابوت عهد سيد كل الأرض عابر أمامكم في الأردن."
     تابوت عهد= أو تابوت الشهادة عابر أمامهم. إذاً عليهم الالتزام بالوصايا في الأرض الجديدة.
آية (12): "فالآن انتخبوا اثني عشر رجلاً من أسباط إسرائيل رجلاً واحداً من كل سبط."
     الاثنى عشر رجلاً= يكونوا مستعدين لما سيحدد لهم من عمل (في ص 4) أي حمل الأحجار.
الآيات (13-17): "ويكون حينما تستقر بطون أقدام الكهنة حاملي تابوت الرب سيد الأرض كلها في مياه الأردن أن مياه الأردن المياه المنحدرة من فوق تنفلق وتقف نداً واحداً. ولما ارتحل الشعب من خيامهم لكي يعبروا الأردن والكهنة حاملو تابوت العهد أمام الشعب. فعند إتيان حاملي التابوت إلى الأردن وانغماس أرجل الكهنة حاملي التابوت في ضفة المياه والأردن ممتلئ إلى جميع شطوطه كل أيام الحصاد. وقفت المياه المنحدرة من فوق وقامت نداً واحداً بعيداً جداً عن أدام المدينة التي إلى جانب صرتان والمنحدرة إلى بحر العربة بحر الملح انقطعت تماماً وعبر الشعب مقابل أريحا. فوقف الكهنة حاملو تابوت عهد الرب على اليابسة في وسط الأردن راسخين وجميع إسرائيل عابرون على اليابسة حتى انتهى جميع الشعب من عبور الأردن."
     وصل الكهنة إلى النهر وغمسوا أرجلهم في مياهه من عند ضفته الشرقية وقد كان هذا في شهر نيسان في موسم حصاد الشعير والكتان وهو موسم فيضان نهر الأردن حيث يرتفع الماء إلى جميع شطوطه آية (15) أي شواطئه بسبب انتهاء فصل الشتاء وإقبال الربيع حيث يذوب الجليد على جبال لبنان وينساب الماء غزيراً في النهر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكلمة الأردن تعنى الإنحدار أو المنحدر ودعي هكذا لشدة إنحداره من الشمال إلى الجنوب فبينما يكون الارتفاع في بعض منابعه 1700قدم عن سطح البحر (عند موقع حاصبيا) ينخفض مجرى النهر في بحيرة الحولة إلى 9 أقدام فوق سطح البحر وعند بحر الجليل يصير الارتفاع 685 قدماً تحت سطح البحر حتى يصب في البحر الميت الذي ينخفض إلى 1275قدماً تحت سطح البحر. =المياه المنحدرة من فوق. أية (13) وفضلاً عن ذلك فإن المجري يتسع في وقت الفيضان فالنقطة المواجهة لأريحا يتراوح اتساعها ما بين 45-55متراً بينما في وقت الفيضان يصل اتساعها إلي الضعف ومن ذلك نتصور ضخامة مياه الفيضان وسرعة جريان المياه في النهر وقوة إنحدارها في الظرف الذي عبروا فيه.

الاصحاح الرابع
مقدمة  : 
 نجد هنا سر الكنيسة التي تموت مع المسيح لتقوم معه. فهنا نجد 12 رجلاً يحملون 12 حجراً من بطن الأردن لتقام خارجاً و12 حجراً من الخارج لتوضع في بطن الأردن. والـ12 رجلاً سبق اختيارهم لهذا العمل من قبل (12:3) ورقم 12 يمثل كنيسة المسيح سواء في العهد القديم (12 سبط) أو في العهد الجديد (12 تلميذ) وراجع (رؤ3:21 + 12:21 + خر27:15) [12 عين ماء رمز للكنيسة التي صار لها الروح القدس سر حياتها وتعزيتها وسط برية هذا العالم + خر4:24 (الكنيسة هي أعمدة حية في هيكل الرب السماوي + 1 مل31:18. ورقم 12= 3 (الثالوث) × 4 (كل أنحاء العالم)] لذلك فمعنى رقم 12 هم من يملك عليهم الله في كل العالم أو ملكوت الله في البشرية كلها. ويشوعنا الحقيقي بعد أن كسر شوكة الموت وجفف نهر الأردن (كسر شوكته) فتح ملكوت السموات لكل المؤمنين وأخرجهم من الموت إلى الحياة وهذا رمزه إخراج الأحجار من قاع نهر الأردن إلى الجلجال. ولكن على المؤمنين أن يحيوا باستمرار حياة الصليب كأنهم أموات عن العالم (ورمز هذا الحجارة التي وضعت في الأردن التي أتوا بها من الخارج). فالحجارة في عمق نهر الأردن تمثل ضرورة الموت والحجارة من الأردن لفوق تمثل ضرورة القيامة. وفي الواقع لا نستطيع الفصل بين الحجارة التي رفعت إلى الجلجال لتبني هناك، والحجارة التي أقيمت في قاع الأردن. فالأولى تشير للكنيسة بكونها جسد المسيح الذي إجتاز الأردن واحتمل الصليب والموت والدفن كل يوم ليقوم أيضاً مع رأسه ويختبر معه كل يوم الحياة الجديدة المقامة، أما الحجارة الأخرى فتشير إلى استمرار الصليب مع المسيح. فالكنيسة قد قامت مع المسيح على أنها يجب أن تتألم وتحزن يسيراً في هذا العالم وينبغي أن تموت ثم بعد هذا تنال القيامة (1بط3:1-7). وما يجعلنا نقبل الآلام ونشترك فيها أننا اختبرنا قوة قيامته. (في10:3،11) فهو اختبر قوة قيامته أولاً (ذكرها أولاً) لذلك اشترك في آلامه (ذكرها ثانية).
     ومنطقة عبور الأردن سميت بيت عبرة وعندها كان يوحنا المعمدان يعمد (يو28:1) وسميت بيت عبرة أي بيت العبور بسبب عبور الشعب عندها. وفي هذا المكان عظم يوحنا المسيح (يو27:1). وفي (مت9:3) نجد يوحنا المعمدان يقول لليهود أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم ويقال أن يوحنا كان يشير إلى الحجارة المنصوبة خارج الأردن أو داخل الأردن.            
الآيات (1-3): "وكان لما انتهى جميع الشعب من عبور الأردن أن الرب كلم يشوع قائلاً. انتخبوا من الشعب اثني عشر رجلاً رجلاً واحداً من كل سبط. وأمروهم قائلين احملوا من هنا من وسط الأردن من موقف أرجل الكهنة راسخة اثني عشر حجراً وعبروها معكم وضعوها في المبيت الذي تبيتون فيه الليلة."
     الله يكلم يشوع ولكن على يشوع أن يعمل مع الجماعة لذلك يقول له الله انتخبوا.... وضعوها في المبيت= أي في الجلجال لأنهم باتوا هذه الليلة في الجلجال.
آية (4-7): " فدعا يشوع الاثني عشر رجلا الذين عينهم من بني اسرائيل رجلا واحدا من كل سبط. و قال لهم يشوع اعبروا امام تابوت الرب الهكم إلى وسط الاردن وارفعوا كل رجل حجرا واحدا على كتفه حسب عدد اسباط بني اسرائيل. لكي تكون هذه علامة في وسطكم اذا سال غدا بنوكم قائلين ما لكم وهذه الحجارة. تقولون لهم أن مياه الأردن قد انفلقت أمام تابوت عهد الرب عند عبوره الأردن انفلقت مياه الأردن فتكون هذه الحجارة تذكاراً لبني إسرائيل إلى الدهر."
     إقامة هذه الحجارة ليتعلم الناس في الأجيال القادمة ويذكروا عمل الله معهم فيحبونه. وهذه الحجارة ترمز للكنيسة التي كانت ميتة (قاع الأردن) وقامت (نصبت في الجلجال).
الآيات (9،8): " ففعل بنو اسرائيل هكذا كما امر يشوع وحملوا اثني عشر حجرا من وسط الاردن كما قال الرب ليشوع حسب عدد أسباط بني إسرائيل وعبروها معهم إلى المبيت ووضعوها هناك. ونصب يشوع اثني عشر حجراً في وسط الأردن تحت موقف أرجل الكهنة حاملي تابوت العهد وهي هناك إلى هذا اليوم."
     هذه الحجارة ترمز لموت المسيح عنا كلما رآها الشعب (ربما كانت ظاهرة فوق مستوى الماء بعد أن عاد الماء لسريانه الطبيعي) وكلما ننظر لهذه الحجارة نذكر يسوع الذي مات لأجلنا فنكره الخطية التي سببت له هذا ونكره شهوة الجسد والعين.. الخ أي نصلب أهوائنا مع شهواتنا، هذه الحجارة ترمز للكنيسة التي صلبت نفسها مع المسيح لتحيا (غل20:2).
آية (10): "والكهنة حاملو التابوت وقفوا في وسط الأردن حتى انتهى كل شيء أمر الرب يشوع أن يكلم به الشعب حسب كل ما أمر به موسى يشوع وأسرع الشعب فعبروا."
     تظهر أن موسى أعطى تعليمات ليشوع وربما لم تدون في الأسفار الخمسة، أو وهو الأصح أن يشوع هنا يظهر نفسه ملتزماً بكل أمر أعطاه الله لموسى =حسب كل ما أمر به موسى يشوع فهو يقود الشعب ملتزماً بكل وصايا وناموس موسى، فضلاً عن كل ما يأمره به الله. وأسرع الشعب فعبروا= هناك من كان قليل الإيمان فهذا أسرع لأنه خاف أن يرجع الماء إلى أصله وهؤلاء لما رأوا المعجزة ازداد إيمانهم. وهناك من أسرع احتراماً لوصية يشوع وطاعة لله وهناك من أسرع اشتياقاً لأرض الميعاد. وهذا ما يحدث لنا. فمن يسرع للتوبة خوفاً من جهنم ومن الموت يكتشف حب الله ويزداد إيمانه ومن يسرع للتوبة طاعة لله أو اشتياقاً لأورشليم السماوية تزداد نقاوته وتنفتح بصيرته بالأكثر. المهم أن نسرع بلا رخاوة أو تهاون طول أيام غربتنا حتى نعبر تماماً. ولنسرع بالعبور خلال الإيمان العامل فنحيا مجاهدين في تتميم الوصايا الإلهية. (تك22:19 إهرب لحياتك)          ولنلاحظ أن المياه عادت بعد أن عبر التابوت فإن لم يكن الله في وسطنا فالموت سيكون نصيبنا. والكهنة لم يخرجوا إلا بعد أن عبر كل الشعب، هذه هي الأبوة الحقة. فهم بدءوا العبور وانتهى بهم العبور وهذا مثال للمسيح الذي هو الأول والآخر (رؤ13:22) هو الذي يفتح الطريق لرعيته وهو الطريق لهم.
الآيات (11-13): " و كان لما انتهى كل الشعب من العبور انه عبر تابوت الرب والكهنة في حضرة الشعب. وعبر بنو رأوبين وبنو جاد ونصف سبط منسى متجهزين أمام بني إسرائيل كما كلمهم موسى. نحو أربعين ألفا متجردين للجند عبروا أمام الرب للحرب إلى عربات أريحا."
     هؤلاء المجاهدين عبروا أمام بني إسرائيل= رمزاً لمن سبقونا ووصلوا لأرض الراحة ينتظرون وصولنا. ولاحظ قوله عبروا أمام الرب= فلا يكفي أن نعمل لحساب الجماعة المقدسة لنموها بل يلزم أن يكون عملنا داخلياً لحساب رب الجماعة وإلا صارت الخدمة مجالاً للافتخار والبر الذاتي وخدمة كرامة للخدام لا كرامة لله ولاحظ أننا يمكن أن نخدع الناس ولكن لا يمكننا أن نخدع الله الذي يعرف أعماق قلوبنا.
آية (14): "في ذلك اليوم عظم الرب يشوع في أعين جميع إسرائيل فهابوه كما هابوا موسى كل أيام حياته."
     فهابوه كما هابوا موسى= اليهود هابوا موسى خلال الخوف من الناموس ونحن نهاب المسيح بالحب.
الآيات (15-19): " و كلم الرب يشوع قائلا. مر الكهنة حاملي تابوت الشهادة ان يصعدوا من الاردن. فامر يشوع الكهنة قائلا اصعدوا من الاردن. فكان لما صعد الكهنة حاملو تابوت عهد الرب من وسط الاردن واجتذبت بطون اقدام الكهنة إلى اليابسة ان مياه الاردن رجعت إلى مكانها وجرت كما من قبل إلى كل شطوطه. وصعد الشعب من الأردن في اليوم العاشر من الشهر الأول وحلوا في الجلجال في تخم أريحا الشرقي."
     الشعب خرج في اليوم العاشر= بداية الفصح حين يختار كل واحد شاة يقدمها ذبيحة فصح للعبور (خر3:22). والله أراد أن يكون خروجهم من مصر في الفصح ودخولهم إلى كنعان في الفصح (العاشر من الشهر الأول) أيضاً. فالخروج من العبودية والحرية ودخول السماء كلاهما مرتبط بالفصح أي المسيح المصلوب. ولكي يحتفلوا بالفصح بحسب الشريعة أمرهم الله بدخول كنعان في اليوم العاشر من الشهر الأول بالذات فصعودهم إلى أرض الميراث يتحقق خلال الفصح أي سر الصليب.
     ورقم 10 يشير للوصايا التي كسرناها فضاعت منا أرض الميعاد. ولكن بالمسيح صرنا غير كاسرين للناموس وصارت لنا حياة جديدة يعبر عنها الشهر الأول من السنة الجديدة. وكان هذا بواسطة المسيح الذي جاء ليضع نفسه تحت الناموس (غل4:4،5).
     حلوا في الجلجال:- جلجال= متدحرج أو دائرة وهذا إعلان عن دحرجة عار العبودية القديم، فمع أنهم إنطلقوا من عبودية فرعون منذ 40عاماً لكن عار العبودية لم ينزع عنهم إلا بوطأ أقدامهم أرض الجلجال (كنعان) ونحن لا ينزع عنا عار الخطية إلا بدخولنا دائرة الأبدية وتمتعنا بعربون الميراث الأبدي في داخلنا. وفي الجلجال إختتن الشعب (معمودية) بعد عبور الأردن (معمودية، موت وقيامة مع المسيح) وهناك أقام الحجارة (سر الكنيسة). وكانت الجلجال مركز عمليات يشوع ثم شاول الملك. فالكنيسة بقيادة المسيح في حالة حرب مستمرة ونصرة مستمرة. والجلجال يظهر أيام صموئيل كمكان مقدس (1صم6:7) وفيه نصب شاول ملكاً (1صم8:10، 14:11) وقلبنا بوجود المسيح فيه يصير هيكلاً مقدساً.
الآيات (20-24): " و الاثنا عشر حجرا التي اخذوها من الاردن نصبها يشوع في الجلجال. وكلم بني اسرائيل قائلا اذا سال بنوكم غدا اباءهم قائلين ما هذه الحجارة. تعلمون بنيكم قائلين على اليابسة عبر اسرائيل هذا الاردن. لان الرب الهكم قد يبس مياه الاردن من امامكم حتى عبرتم كما فعل الرب الهكم ببحر سوف الذي يبسه من امامنا حتى عبرنا. لكي تعلم جميع شعوب الارض يد الرب انها قوية لكي تخافوا الرب الهكم كل الايام.
     صارت الحجارة شاهد على عمل الرب الذي صرح فيما بعد لليهود على لسان ابنه الوحيد ان سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ " لو 20 : 40 "اثنى عشر نصبت في النهر والاخري نصبت في اليبس في الجلجال هما دلاله على الاثني عشر سبطاً والاثني عشر رسولاً ... فالحجارة التي في النهر قد ينساها بل بالفعل نسيت بعد فترة من الزمان وهي تشير الى الاسباط الاسرائلية " كنيسة العهد القديم " . اما الحجارة التي نصبت في الجلجال فهي تشير الى كنيسة العهد الجديد المؤسسة على حجارة حية هي ايمان الرسل ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية. " اف 2 : 20 " .



الاصحاح الخامس ( الاستعداد للحرب )
آية (1): "وعندما سمع جميع ملوك الاموريين الذين في عبر الأردن غربا وجميع ملوك الكنعانيين الذين على البحر أن الرب قد يبس مياه الأردن من أمام بني إسرائيل حتى عبرنا ذابت قلوبهم ولم تبق فيهم روح بعد من جراء بني إسرائيل."
الأموريين هم أحد شعوب الكنعانيين وذكرهم هنا وحدهم لأنهم أقوى هذه الشعوب الكنعانية. والله أوقع الرعب في قلوبهم وكان هذا مناسباً لأن اليهود كانوا سيختتنوا ولن يكونوا قادرين على الحرب وهم متوجعين.
آية (2): "في ذلك الوقت قال الرب ليشوع اصنع لنفسك سكاكين من صوان وعد فاختن بني إسرائيل ثانية."
     نجد هنا أمر الله ليشوع بأن يختن الشعب. ونجد أيضاً طاعة يشوع العجيبة فالختان لكل الرجال سيجعلهم غير قادرين على الحرب، وهذا خطأ بكل المقاييس البشرية والعسكرية أن نجعل الجيش كله عاجزاً. ولكن علينا دائماً أن نطيع الوصية مهما بدت صعوبتها فالله له تدبيرات أخرى لا نراها، ويشوع وقتها لم يكن يعلم أن الله أوقع الرعب في قلوب الأموريين فهم لن يحاربوا. فالله يحارب عنا وتكون غلبتنا بطاعة الوصية. وإذا فهمنا أن عبور الأردن يشير للمعمودية فإلى ماذا يشير الختان هنا؟ انه يشير للمعمودية ايضاً ؟ هنا الختان يشير للختان الروحي، فمن دخل كنعان سيتعرض لحروب كثيرة من الكنعانيين فلابد لمن دخل كنعان أن تكون له أسلحته وأول الأسلحة ختان القلب (رو29:2 + أر4:4). والمعمد تكون أول أسلحته الروحية الختان الروحي (راجع رو 1:6-14). ولكن لماذا لم يطلب الله الختان وهم في شرق الأردن في أمان بعيداً عن الكنعانيين!!؟ لأنه لا إمكانية لنصلب شهوات الجسد وأهوائه إلا بعد المعمودية، ولا يمكن أن نقدم أنفسنا ذبائح حية لله سوى بعد المعمودية وهذا هو ما يسمى بختان المسيح (كو11:2) أو ختان القلب. ولأنه ختان المسيح استخدم فيه الصوان (وهو حجر) فالمسيح صخرتنا وهو كلمة الله والكلمة حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين. (1كو4:10).
     ولماذا قال إختن ثانية؟ كما نرى في الآيات (4-8) أن الشعب لم يختنوا أولادهم في البرية لأنهم كانوا في تجول دائم لا يعلمون متى يأتي الأمر بالحركة، ولكنه عموماً كان هذا إهمالاً منهم، وكل من يهمل التزامه نحو الله عليه بالتوبة والرجوع إلى الله. والله لم ينبه موسى لذلك في البرية لأنهم كانوا في حالة توهان في البرية كمن بلا عهد مع الله والختان علامة العهد والآن بعد أن دخلوا أرضهم ها هو الله يجدد العهد معهم، وكأن قوله ثانية هو عودتهم كأمة لها عهد مع الله وراجع (عد33:14) فالأبناء حملوا عار أبائهم فالله أقسم في غضبه أن لا يدخل الآباء الأرض. وكان التوقف عن الختان علامة لغضب الله عليهم وصار رضا الله عليهم الآن علامته الختان ثانية ،وهو علامة لعهد جديد لذلك تبع الختان الثاني الفصح. فالتناول يأتي بعد المعمودية (أع41:2،42). وراجع (تك14:17) لنفهم أن من لا يختن يفقد العهد مع الله. ونفهم الآن أن الختان الأول رمز لمن هم تحت الناموس (الشعب اليهودي) والختان الثاني بواسطة الصخرة التي كانت المسيح (1كو4:10) هي الانتقال من عهد الناموس إلى عهد النعمة. وهذا معنى قوله في آية (9) اليوم دحرجت عنكم عار مصر. الختان الأول يكون في الجسد والختان الثاني هو ختان القلب والروح الذي يهبه المسيح لذلك لابد وأن يكون في كنعان أي داخل الكنيسة.
     هذا الإصحاح هو الاستعداد للحرب. ولنراجع ماذا أعطانا الله من أسلحة (أف10:6-20) ولنفهم أن النصرة هي خلال الحياة المقدسة في الرب، الحياة التي صلب فيها الإنسان شهواته. ويجاهد بإيمان مستخدماً الأسلحة الروحية فينعم بمواعيد الله المجانية برغم مقاومة الأعداء.
آية (3): "فصنع يشوع سكاكين من صوان وختن بني إسرائيل في تل القلف."
     تل القلف= القلف هي الجزء الذي يقطع في الختان.
الآيات (4-8): "و هذا هو سبب ختن يشوع اياهم ان جميع الشعب الخارجين من مصر الذكور جميع رجال الحرب ماتوا في البرية على الطريق بخروجهم من مصر. لان جميع الشعب الذين خرجوا كانوا مختونين واما جميع الشعب الذين ولدوا في القفر على الطريق بخروجهم من مصر فلم يختنوا. لان بني اسرائيل ساروا اربعين سنة في القفر حتى فني جميع الشعب رجال الحرب الخارجين من مصر الذين لم يسمعوا لقول الرب الذين حلف الرب لهم انه لا يريهم الارض التي حلف الرب لابائهم ان يعطينا اياها الارض التي تفيض لبنا وعسلا.  واما بنوهم فاقامهم مكانهم فاياهم ختن يشوع لانهم كانوا قلفا اذ لم يختنوهم في الطريق. وكان بعدما انتهى جميع الشعب من الاختتان انهم أقاموا في أماكنهم في المحلة حتى برئوا."
     حتى برئوا= كلمة برئوا في أصلها العبري "حيوتم" أي صارت لهم حياة أي شفاء فالشفاء والحياة متلازمان. ونحن إذا تعمدنا ثم عشنا في ختان القلب نبرأ (تفسير II) ولكن الشفاء الكامل والحياة الحقيقية ستكون بعد أن نخلع هذا الجسد ونموت ونحصل على الجسد الممجد فيكون لنا البنوة الكاملة والحرية الكاملة ونكون بلا خطية (تفسير I).
آية (9): "وقال الرب ليشوع اليوم قد دحرجت عنكم عار مصر فدعي اسم ذلك المكان الجلجال إلى هذا اليوم."
     دحرجت عنكم عار مصر= هم الآن في أرضهم أحرار، الأرض التي وعدهم بها الله بلا ذل ولا عبودية لفرعون، لأنهم حتى وهم في سيناء كانوا كعبيد هاربين من أسيادهم المصريين أما الآن فهم أسياد في أرضهم وقطعاً فالمصريين سخروا منهم في توهانهم وكان هذا سبب عار لهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والعار الحقيقي الذي دحرجه الله عنهم كونهم يشبهون المصريين الوثنيين الذين بلا عهد مع الله غير مختوني القلب. ولاحظ أن العبودية إرتبطت في ذهن الشعب القديم بمصر. وعار مصر بالنسبة لنا هو الخطية (تي3:3) ثم أعطانا المسيح الختان الثاني بغسل الميلاد الثاني (تي5:3 + تي8:3) ففي (تي5:3) يشير للمعمودية وفي (تي8:3) يشير لأننا يجب أن نحيا مختوني القلب. ولو إعتمدنا ثم سلكنا كمختوني القلب فلا نخشى عار الخطايا السابقة فقد دحرجها الله. (مر5:2) "مغفورة لك خطاياك" وفي (يو14:5) "لا تخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر". فإذا عدنا لخطايانا السابقة نرجع إلى العار القديم وإن سلكنا بالقلب المختون يكون الله قد دحرج عنا عارنا (راجع عب29:10 + 1كو15:6).
آية (10): "فحل بنو إسرائيل في الجلجال وعملوا الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر مساء في عربات أريحا."
     متى برئوا من جراحاتهم يقيموا الفصح. وشروط التناول حسب ما نفهم هنا هي:    1.  المعمودية= عبور الأردن. (بالمعمودية نلنا العضوية في جسد المسيح).    2. الختان الثاني= القلب المختون + الإنسان القديم وقد صلب مع المسيح.    3. أن نبرأ= خلع عاداتنا الشريرة تماماً.    4. نأكل الفصح= أي نأكل ونشرب جسد ودم المسيح فنثبت فيه وهو فينا.
الآيات (12،11): "وأكلوا من غلة الأرض في الغد بعد الفصح فطيراً وفريكاً في نفس ذلك اليوم. وانقطع المن في الغد عند أكلهم من غلة الأرض ولم يكن بعد لبني إسرائيل من فأكلوا من محصول أرض كنعان في تلك السنة."
     توقف المن بعد أن دخلوا الأرض ووجدوا غلتها. والله يود لو سارت كل الأمور طبيعية بلا معجزات لذلك توقف المن بعد دخولهم للأرض، وأكل الشعب من غلة الأرض التي تركها أهل الأرض وهربوا وغالباً إختبأوا داخل المدن المحصنة وقوله فريكاً= يدل على أن القمح كان في بداية نضجه حين يفركونه ويأكلونه نيئاً أو مشوياً. وإنقطاع المن في الأرض يشير لأننا لن نتناول من جسد المسيح ودمه في السماء بالصورة التي تمارسها الكنيسة الآن. فنحن نتناول الآن لمغفرة خطايانا "يعطى لمغفرة الخطايا" وفي السماء لا خطايا. فسنحيا معه على مستوى آخر ويكون أكل المن السماوي المخفي (رؤ17:2) يعني معرفة المسيح دون سر أو لغز، لا ننظره كما في مرآة بل سنراه كما هو وفي معرفته سيكون لنا شبع وحياة أبدية. "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحي ويسوع المسيح الذي أرسلته" هذه صورة للوحدة الكاملة. وهنا على الأرض توجد 3 مراحل للأكل:-
1.     الأولى: حين أكل الشعب العجين الذي في ثيابهم. وإذا أشارت الثياب للجسد يكون المعنى أن الإنسان في طفولته الروحية لا يفكر ولا يهتم سوى في شبع جسده ويهتم بكل الأرضيات والماديات والله لا يترك مثل هؤلاء بل يشبعهم "خبزنا كفافنا..".
2.     الثانية: الشعب يأكل المن ليظهر لهم أنه هو الذي يعولهم فلا يضطربوا ولا ينشغلوا بالغد.
3.     الثالثة: الشعب يأكل من غلة الأرض أي يجد الإنسان في الله نفسه طعامه الأبدي المشبع ومن يفهم أن الله سيشبعنا بمعرفته في الأبدية يصلي "خبزنا الذي للغد أعطنا اليوم" وعموماً عبارة خبزنا كفافنا أعطنا اليوم هي نفسها تترجم الذي للغد أعطنا اليوم فالله يهتم بأن يعطينا كلاهما؟ ولذلك جاءت الجملة في صيغة تحتمل كلا المعنيين.
الآيات (13-15): "وحدث لما كان يشوع عند أريحا انه رفع عينيه ونظر وإذا برجل واقف قبالته وسيفه مسلول بيده فسار يشوع إليه وقال له هل لنا أنت أو لأعدائنا. فقال كلا بل أنا رئيس جند الرب الآن أتيت فسقط يشوع على وجهه إلى الأرض وسجد وقال له بماذا يكلم سيدي عبده. فقال رئيس جند الرب ليشوع اخلع نعلك من رجلك لان المكان الذي أنت واقف عليه هو مقدس ففعل يشوع كذلك."
      بقية وتتمة هذه الآيات نجدها في (1:6-5) فهم موضوع واحد. يشوع كقائد للشعب تقدم نحو أريحا وربما كان بمفرده وقد أدرك أنه وحيد بلا موسى وهو يرى حرباً من نوع جديد، مدينة بأسوار عالية وحصون قوية جداً تقدر أن تبقى فترة طويلة تحت الحصار، ولا يمكن ليشوع أن يتجاهلها وينطلق إلى مدينة أخرى وإلا صار العدو خلفه (أي جيش أريحا) ويضربهم من الخلف. وفي حيرته هذه ظهر له المسيح في إحدى ظهوراته قبل التجسد وحين سأله يشوع هل أنت حليف لنا أو لأعدائنا لم يجبه المسيح بقوله أنا حليفكم بل أنا قائدكم= أنا رئيس جند الرب فهو القائد وليس مجرد حليف. وهذا ما أعطى ليشوع شعور بالإطمئنان فهو إذا خرج كقائد ليفحص الموقع ورأي هذه الحصون التي لم يقتحمها من قبل، ظهر له الله ليطمئنه بأنه هو القائد الأعلى. وسؤال يشوع هل أنت لنا أو لأعدائنا= يشير إلى أنه لم يعرفه أولاً بل ظنه أحد قادة أريحا أتى ليتفقد جيش إسرائيل كما يفعل هو الآن ويتفقد جيش وحصون أريحا. ولذلك نجد الرب يعلن له كما أعلن لموسى من قبل أنه واقف في حضرة يهوه كلمة الله نفسه لذلك قال له إخلع نعلك (راجع خر3) وتكرار نفس الكلمة التي قيلت لموسى تعطيه إطمئناناً
1.     هو نفس الشخص الذي ظهر لموسى ليشجعه ليخرج شعب إسرائيل من مصر.
2.     هو نفسه يساند يشوع ليدخل الشعب لأرض الميعاد.
     ورئيس جند الرب هو نفسه يهوه الذي قدس المكان (فطلب خلع النعلين علامة على وجوب الشعور بأن يشوع واقف أمام الله فيقدس فكره) وهو قبل سجود يشوع (آية 14) + (يش2:6) إذاً هو ليس ملاكاً عادياً. لكنه يظهر نفسه كرئيس جند حسب إحتياج يشوع والشعب الآن وهم مقبلين على معارك كثيرة فلا يرتعبون. وكذلك إذا جعنا يقدم نفسه خبز مشبع وإذا ضللنا الطريق يقدم نفسه أنه هو الطريق وإذا شعرنا بالوحدة يقدم نفسه أنه الصديق والعريس وإن خفنا من الموت يقدم نفسه أنه القيامة والحياة فهو في محبته يقدم لنا نفسه ويقدم لنا كل شيء لكي يسد كل عوز فينا.
الاصحاح السادس ( سقوط اريحا )
    خطة الحرب كانت على 3 مراحل [1] الاستيلاء على أريحا وعاي للتحكم في كل الممرات لبلاد كنعان وبهذا يتم شق بلاد الكنعانيين لنصفين [2] ضرب الكتلة الجنوبية [3] ضرب الكتلة الشمالية.
آية (1): "وكانت أريحا مغلقة مقفلة بسبب بني إسرائيل لا أحد يخرج ولا أحد يدخل."
    أريحا كانت أول مدينة حصينة تواجه الشعب القادم للتمتع بالميراث، وهي تمثل العالم وقد وضع في الشرير، أو بمعنى أدق تمثل محبة العالم الزمني كعائق يعوق النفس عن إنطلاقها نحو الأبدية للتمتع بالميراث الحقيقي، يثقلها فلا ترتفع بأجنحة الروح القدس من مجد إلى مجد. ولأنها تمثل العالم الشرير، كان مثل السيد المسيح "المسافر من أورشليم نازلاً إلى أريحا هذا يمثل من إرتد من محبة الله (أورشليم) ونزل إلى محبة العالم (أريحا) فضربه اللصوص وجرحوه (الشياطين). ولكن المسيح السامرى الصالح إهتم به ليشفي. وفي أريحا أعاد المسيح البصر للأعمى (مت29:20 + مر46:10 + لو35:18). فمن يحب العالم وشهواته يصاب بالعمى ولكن المسيح أيضاً قادر على شفائه. فالمسيح أتى من أجل من أصابه عمى الجهل. لا أحد يخرج= خوفاً من جيش إسرائيل. ولا أحد يدخل= لأن الأبواب مغلقة من الرعب. وهذه الآية (آية 1) أدخلت وسط الآيات (13:5-15، 2:6-5) ليظهر عظم عمل الرب. والمدينة المغلقة تمثل الإنسان المنغلق على ذاته لا ينفتح قلبه بالخدمة والعطاء للآخرين، هي تمثل الإنسان عديم المحبة، أما الإنسان المتسع القلب بالمسيح فيحب كل إنسان ويصلي له.
الآيات (2-5): "فقال الرب ليشوع انظر قد دفعت بيدك أريحا وملكها جبابرة البأس. تدورون دائرة المدينة جميع رجال الحرب حول المدينة مرة واحدة هكذا تفعلون ستة أيام. وسبعة كهنة يحملون أبواق الهتاف السبعة أمام التابوت وفي اليوم السابع تدورون دائرة المدينة سبع مرات والكهنة يضربون بالأبواق. ويكون عند امتداد صوت قرن الهتاف عند استماعكم صوت البوق أن جميع الشعب يهتف هتافاً عظيماً فيسقط سور المدينة في مكانه ويصعد الشعب كل رجل مع وجهه."
     هي تتمة إصحاح (5) ونجد هنا ما قاله رئيس جند الرب ليشوع. ولاحظ قوله دفعت= بصيغة الماضي للتأكيد. ولقد استخدم الله طريقة فريدة للغلبة على أريحا لم يستخدمها بعد ذلك. فهي أول موقعة بعد عبور الأردن وأول مدينة محصنة يحاربونها. والله أراد أن يعلن بطريقة ملموسة أن الحرب له والنصرة هي من عنده وسلاحهم المطلوب هو الإيمان (عب30:11) ولنلاحظ أن يشوع لم يخبر الشعب عن فائدة الدوران حول أريحا ولكنهم بالإيمان أطاعوا سبعة أيام وفي اليوم السابع قال لهم يشوع إهتفوا فالله أعطاكم المدينة فهتفوا وهم لا يدرون كيف سيعطيهم الله المدينة. وبعد ذلك في باقي حروبهم استخدموا الحكمة والتدبيرات العسكرية لكنهم كانوا قد فهموا أن النصرة هي من عند الله. أما مع اريحا فالله لم يستخدم التدبيرات العسكرية والحكمة البشرية بل ولا القوة الجسدية، ففي اليوم السابع داروا حول المدينة 7 مرات حتى أنهكوا تماماً ولم يعد عندهم حتى القدرة على المشي. وهتافهم العظيم كان إعلاناً عن إيمانهم بالله واهب النصرة. ونلاحظ دوران الشعب 7 أيام حول أريحا من المؤكد أنه أوقع الرعب والحيرة في قلوب أهل أريحا الواقفين ليراقبوا ماذا يفعل الشعب فكانت فرصة لمن يريد أن يتوب. ونلاحظ أن الكهنة استخدموا الأبواق والشعب هتف. وقارن مع (رؤ15:11) فحين بوق الملاك السابع صارت ممالك الأرض للرب ولمسيحه. إذاً البوق السابع هو علامة على مجيء المسيح الثاني وبداية الحياة الأبدية. والأبواق أيضاً في اليوبيل تكون إعلاناً عن الحرية. وإذا فهمنا أن الدوران في دائرة حول أريحا يمثل الدخول في الأبدية (الأبدية والدائرة لا بداية ولا نهاية لهما) فكأن ما حدث حول أريحا يشير للحياة الدائمة مع الله في الأبدية بعد أن تنهزم أمام الله كل قوات الظلمة ونحن لا دخل لنا في هذا سوى أن نقف ونهتف ونسبح الله على أعماله العجيبة والآن كل من يرتفع فكره ويحيا في السمويات تنهزم أمامه كل الأرضيات. وكما كان شعب أريحا مسجون طوال ستة أيام وكان سقوطه النهائي في نهاية اليوم السابع هكذا إبليس هو الآن في فزع مقيد بسلسلة ولكن سقوطه النهائى سيكون بعد انتهاء اليوم السابع عند مجيء المسيح مع صوت هتاف البوق وصراخ التهليل. ونلاحظ أن الكلمة المستخدمة للأبواق هنا هي أبواق اليوبيل فيكون معنى استعمالها بغرض طقس ديني وليس بغرض عسكري فهزيمة أريحا هي عمل كامل لله وليس للشعب يد فيه. وأبواق اليوبيل استخدمت إشارة للحرية الحقيقية بعد دخولهم أرضهم. والأبواق تشير أيضاً لكلمة الله ويشوع أرسل الكهنة ليضربوا الأبواق كما أرسل المسيح التلاميذ لنشر كلمة الكرازة التي أعطت المؤمنين الفرح الداخلي وتهليل القلب وفي (5) كل رجل مع وجهه= أي كل رجل يصعد إلى داخل المدينة في خط مستقيم يضرب ما يجده في وجهه. عند امتداد صوت قرن الهتاف= أي يكون صوت البوق متصلاً حينئذ يصيح الشعب ويهتف والهتاف هنا بمعنى صيحات الفرح، الكل في وحدة واحدة يسبح ويهتف، هي الكنيسة المجاهدة التي تسبح بنفس واحدة وروح واحدة مجاهدة ضد الخطية ومملكة إبليس
الآيات (6-9): "فدعا يشوع بن نون الكهنة وقال لهم احملوا تابوت العهد وليحمل سبعة كهنة سبعة أبواق هتاف أمام تابوت الرب. وقالوا للشعب اجتازوا ودوروا دائرة المدينة وليجتز المتجرد أمام تابوت الرب. وكان كما قال يشوع للشعب اجتاز السبعة الكهنة حاملين أبواق الهتاف السبعة أمام الرب وضربوا بالأبواق وتابوت عهد الرب سائر وراءهم. وكل متجرد سائر أمام الكهنة الضاربين بالأبواق والساقة سائرة وراء التابوت كانوا يسيرون ويضربون بالأبواق."
الساقة= مؤخرة الجيش وسموها هكذا لأن من في المؤخرة كأنهم يقودون(يسوقون) من أمامهم.
 
آية (10): "وأمر يشوع الشعب قائئلا لا تهتفوا ولا تسمعوا صوتكم ولا تخرج من أفواهكم كلمة حتى يوم أقول لكم اهتفوا فتهتفون."
    كان سكوتهم حتى لا يسخر منهم أهل أريحا إذ أنهم لا يهاجمون بل يصيحون. ولكنهم كانوا يصلون سراً= لا تسمعوا أصواتكم. ونلاحظ قول بولس الرسول أنه يجب علينا إذا اجتمعنا أن يكون لنا مزامير وتراتيل روحية، أو علينا أن نسبح الله ونلهج في كتابه المقدس ويكون هذا لنا هتافاً عظيماً عندئذ تنهدم أسوار محبة العالم فينا ويملك يسوع داخلنا.
آية (11-17): " فدار تابوت الرب حول المدينة مرة واحدة ثم دخلوا المحلة وباتوا في المحلة. فبكر يشوع في الغد وحمل الكهنة تابوت الرب. والسبعة الكهنة الحاملون ابواق الهتاف السبعة امام تابوت الرب سائرون سيرا وضاربون بالابواق والمتجردون سائرون امامهم والساقة سائرة وراء تابوت الرب كانوا يسيرون ويضربون بالابواق. وداروا بالمدينة في اليوم الثاني مرة واحدة ثم رجعوا إلى المحلة هكذا فعلوا ستة ايام. وكان في اليوم السابع انهم بكروا عند طلوع الفجر وداروا دائرة المدينة على هذا المنوال سبع مرات في ذلك اليوم فقط داروا دائرة المدينة سبع مرات. وكان في المرة السابعة عندما ضرب الكهنة بالابواق ان يشوع قال للشعب اهتفوا لان الرب قد اعطاكم المدينة. فتكون المدينة وكل ما فيها محرما للرب راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت لانها قد خبات المرسلين اللذين ارسلناهما. فتكون المدينة وكل ما فيها محرما للرب راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت لأنها قد خبأت المرسلين اللذين أرسلناهما."
     محرماً للرب= التحريم كان ليعرف الشعب عقوبة الخطية وأن الأرض تقذف سكانها لو أخطأوا فيخافوا ولنعرف أن شعب الله كان شعب بدائي لا يميز بين الخاطئ والخطية فإبادة الخطاة تعني بالنسبة لهم إبادة الخطية، بل إبادة البهائم التي ألهوا بعضها وقدموا البعض الآخر ذبائح لآلهتهم. غير أن التحريم كان يهدف أيضاً ألا ينصرف قلبهم وفكرهم ووقتهم إلى الغنيمة والمكسب المادي، لهذا حرم عليهم نوال شيئاً من أريحا، ولكنه بعد ذلك في المواقع التالية سمح لهم بالغنائم. فالله أعطاهم درساً في عفة النفس ليروا أن كل الماديات لا قيمة لها عند الله ولكن بعد هذا سيعطيهم الله بعد أن يكونوا قد تعلموا أن يقولوا مع بولس الرسول تدربت أن أشبع وأن أجوع (في11:4-12). ونلاحظ أن الله يعلمهم أن ينصرفوا عن الزمنيات في أريحا ثم يعطيهم بعد ذلك الروحيات والزمنيات، (أية 19) كأن إنصرافهم عن أخذ أسلاب أريحا هو كأنهم قدموها بكوراً لله فيفهموا أن الله أولاً، وإذا قدموا البكور يبارك الله بعد ذلك فيما تمتد إليه أيديهم في الحروب التالية وبالنسبة لنا علينا أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره وهذه الباقية تزاد لنا. ونلاحظ خلاص راحاب فقط بسبب إيمانها بل هي دخلت في جماعة شعب الرب.
آية (18-23): "و اما انتم فاحترزوا من الحرام لئلا تحرموا وتاخذوا من الحرام وتجعلوا محلة اسرائيل محرمة وتكدروها. وكل الفضة والذهب و انية النحاس والحديد تكون قدسا للرب وتدخل في خزانة الرب. فهتف الشعب و ضربوا بالابواق وكان حين سمع الشعب صوت البوق ان الشعب هتف هتافا عظيما فسقط السور في مكانه وصعد الشعب إلى المدينة كل رجل مع وجهه و اخذوا المدينة. وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامراة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف. وقال يشوع للرجلين اللذين تجسسا الارض ادخلا بيت المراة الزانية واخرجا من هناك المراة وكل ما لها كما حلفتما لها. فدخل الغلامان الجاسوسان واخرجا راحاب وأباها وأمها واخوتها وكل ما لها واخرجا كل عشائرها وتركاهم خارج محلة إسرائيل."
     إبقاء راحاب وعائلتها خارج المحلة بسبب وثنيتهم ونجاستهم ويظلوا خارج المحلة حتى يتطهروا ويؤمنوا. والله ذكر إيمان وعمل راحاب فهو لا ينسى كأس ماء بارد يقدم باسمه. وقبول راحاب في شعب الله رمز لقبول الأمم والعشارين والزواني في ملكوت الله (مت31:21).
آية (24-27): "و احرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها انما الفضة و الذهب وانية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب. واستحيا يشوع راحاب الزانية وبيت ابيها وكل ما لها وسكنت في وسط اسرائيل إلى هذا اليوم لانها خبات المرسلين اللذين ارسلهما يشوع لكي يتجسسا اريحا. وحلف يشوع في ذلك الوقت قائلا ملعون قدام الرب الرجل الذي يقوم ويبني هذه المدينة أريحا ببكره يؤسسها وبصغيره ينصب أبوابها. وكان الرب مع يشوع و كان خبره في جميع الارض. "
    لأن أريحا كانت رمزاً للشر الذي يلزم هدمه تماماً وإبادته، لعن يشوع من يبنيها ولكنه لم يلعن ولم يحرم من يحيا فيها بعد بنائها، لذلك بنيت المدينة وعاش فيها كثيرين بعد ذلك. أما يشوع فكان يريد أن لا تبنى أريحا لتظل شاهدة على دينونة الخطية. ولقد كانت لعنة يشوع على من يبني أريحا كأنها نبوة وقد تحققت حرفياً عندما قام حيئيل البيتئيلي ببنائها (1مل34:16). ولنلاحظ أنه لو كان حيئيل قد توقف عن البناء بعد موت أول ولد لأنقذ بقية أبنائه ولكنه لم يطع فمات الكل. لقد هلكت أريحا الشريرة ونجت راحاب الزانية لأنها آمنت.
الاصحاح السابع :الحرام والخيانة والهزيمة
آية (1): "وخان بنو إسرائيل خيانة في الحرام فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا من الحرام فحمي غضب الرب على بني إسرائيل."
     انتصر الشعب على أريحا المدينة الضخمة المحصنة، ثم استداروا على عاي وهي غرب أريحا، وكانت عاي الهدف التالي الطبيعي بعدها وهي بقرب بيت إيل. وأريحا وعاي وسط الأرض وبذلك يفصلوا الشمال عن الجنوب في كنعان فيسهل عليهم ضرب الشمال منفرداً والجنوب منفرداًً. وحينما سقطت عاي في أيديهم إمتلكوا جبال عيبال وجرزيم فنفذوا وصية البركات واللعنات التي أمر بها موسى (تث11:27-26). وكانت عاى صغيرة جداً بالنسبة لأريحا فاستخف بها الشعب الذي هزم أريحا ولكنهم فوجئوا بهزيمتهم والسبب خطية "عخان بن كرمي" ومعنى كلمة عخان متعب أو مزعج وسمى فيما بعد عخار (1أي7:6) بمعنى مكدر     والخطية كانت خطية فرد واحد لكن الهزيمة كانت للشعب. فالشعب جسد واحد فإذا أخطأ عضو في هذا الجسد جاءت العقوبة على الجميع. وعاي تمثل الخطايا الصغيرة التي يستهين بها الإنسان القوي (الذي هزم خطايا كبيرة مثل أريحا) فتسقطه ويتحطم بسببها لأن هناك حراماً تسلل إلى قلبه. ولنلاحظ كبرياء الشعب أنهم ظنوا أنه بقوتهم وتقواهم هزموا أريحا وليس بمعونة الله لذلك سقطوا أمام عاي الصغيرة لأن في وسطهم حرام (خطية عاخان + كبريائهم) فلم يعد الله في وسطهم. ولنفهم أن الغلبة هي من الله والفشل هو بسبب شرنا (1كو27:9 + نش15:2) وربما يقدم لنا الشيطان خطايا صغيرة على أنها تافهة كنظرة شريرة أو شهوة تكون سبباً لسقوطنا. وعلى الكنيسة أن تعزل من يصر على خطاياه حتى لا يصبح سبباً في عقاب الجميع (1تي20:5 + 1كو13:5 + 1كو5:5(
آية (2): "وأرسل يشوع رجالا من أريحا إلى عاي التي عند بيت أون شرقي بيت إبل وكلمهم قائلاً اصعدوا تجسسوا الأرض فصعد الرجال وتجسسوا عاي." بيت أون= تعني بيت البطل أو الباطل بسبب أوثانها. وهي نفسها بيت إيل لكنها صارت بسبب أوثانها كريهة وتغير اسمها بسبب ذلك (هو15:4) ولاحظ في هذه الآية أننا لم نسمع صوت الرب يعلن شيئاً ليشوع، ولا استشار يشوع الرب قبل إصعاد رجال للتجسس أو تحديد عدد رجال الحرب. ولو فعل يشوع لأخبره الرب بأن هناك حراماً في وسطه، والرب صمت ليعطي درساً للشعب على كبريائهم.
آية (3): "ثم رجعوا إلى يشوع وقالوا له لا يصعد كل الشعب بل يصعد نحو ألفي رجل آنية ثلاثة آلاف رجل ويضربوا عاي لا تكلف كل الشعب إلى هناك لأنها قليلون."
     نلاحظ هنا نغمة الكبرياء والاستهانة، وحقاً كان سكان عاي قليلون، لكن شعب الله بعد أن تخلى عنهم الله وفارقهم صاروا كلا شئ، والجواسيس أخطأوا فهم تطلعوا بمنظار بشري وتجاهلوا فقدانهم سر نصرتهم الخفي ألا وهي الحياة المقدسة في الرب. لا تكلف= هم تصوروا أن الله سيهدم لهم سور عاي ويدخلوا دون جهاد مثل المرة الأولى فبدأوا يبحثون عن راحة الشعب والله أراد أن يعطيهم درساً في أهمية الجهاد حتى الدم مقاومين ضد الخطية وأن يكونوا يقظين أمام كل خطية مهما بدت صغيرة. لذلك في كل خطية مهما بدت بسيطة علينا أن نلجأ لله للمعونة (حسد للآخرين/ كذب أبيض/ حلفان....) ولكن من المهم أيضاً الجهاد لذلك طلب الرب منهم بعد ذلك أن يصعد جميع رجال الحرب (1:8) فلا معنى للتراخي والكسل. ونلاحظ أن من دخل الحرب من جيش إسرائيل 30.000 فقط ولكن كل رجال الحرب كانوا مستعدين متنبهين وهكذا يجب أن نكون في جهادنا الروحي. بل يجب أن نأخذ درساً آخر ففي أفراح الغلبة يجب دائماً أن تكون مقترنة بأن نتمم خلاصنا بخوف ورعدة، ونلاحظ أن إنكسارهم أمام عاي سيعطيهم الخوف والرعدة، بل سيفهموا أن الانتصار ليس بقوتهم بل بوجود الله في وسطهم وذلك لن يكون سوى بقداستهم.

الآيات (4،5): " فصعد من الشعب الى هناك نحو ثلاثة الاف رجل و هربوا امام اهل عاي. فضرب منهم أهل عاي نحو ستة وثلاثين رجلا ولحقوهم من أمام الباب إلى شباريم وضربوهم في المنحدر فذاب قلب الشعب وصار مثل الماء." هذا فعل الخطية فهي تحطم الشعب كله وتفقده شجاعته وقوته وتُصيّر قلبه كالماء.
آية (6): "فمزق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء هو وشيوخ إسرائيل ووضعوا ترابا على رؤوسهم."    يشوع كرمز للمسيح يقف كشفيع عن الشعب أمام الله ومزق ثيابه= أخلى ذاته.
آية (7-9): " وقال يشوع اه يا سيد الرب لماذا عبرت هذا الشعب الاردن تعبيرا لكي تدفعنا الى يد الاموريين ليبيدونا ليتنا ارتضينا و سكنا في عبر الاردن. اسالك يا سيد ماذا اقول بعدما حول اسرائيل قفاه امام اعدائه. فيسمع الكنعانيون وجميع سكان الأرض ويحيطون بنا ويقرضون اسمنا من الأرض وماذا تصنع لأسمك العظيم."
     يقرضون اسم شعبك= حينما يدرك الوثنيون أن الله تخلى عن شعبه يأتون ليضربوا الشعب ويبيدوه فيبيدوا اسم إسرائيل.
الآيات (10-13): "فقال الرب ليشوع قم لماذا أنا ساقط على وجهك. قد اخطأ
إسرائيل بل تعدوا عهدي الذي أمرتهم به بل اخذوا من الحرام بل سرقوا بل أنكروا بل وضعوا في أمتعتهم. فلم يتمكن بنو إسرائيل للثبوت أمام أعدائهم يديرون قفاهم أمام أعدائهم لأنها محرومون ولا أعود أكون معكم أمروهم لم تبيدوا الحرام من وسطكم. قم قدس الشعب وقل تقدسوا للغد لأنه هكذا قال الرب اله إسرائيل في وسطك حرام يا إسرائيل فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم."نلاحظ تكرار كلمة قم فيشوع كرمز للمسيح، الله يقول له قم بعد أن مزق ثيابه كما أقام الله المسيح بعد أن مات ودفن. ثم يقول له قم قدس الشعب. فالمسيح بقيامته يقيمنا معه بلا خطية ويرسل لنا روحه القدوس ليقدسنا
الايات 14 ، 15 فتتقدمون في الغد بأسباطكم ويكون أمروهم السبط الذي يأخذه الرب يتقدم بعشائره والعشيرة التي يأخذها الرب تتقدم ببيوتها والبيت الذي يأخذه الرب يتقدم برجاله. و يكون الماخوذ بالحرام يحرق بالنار هو و كل ما له لانه تعدى عهد الرب و لانه عمل قباحة في اسرائيل."   غالباً ما استخدموا القرعة لتحديد السبط ثم العشيرة.. وكانت هذه طريقة يهودية معروفة، أو كان ذلك بواسطة الأوريم والتميم. ونلاحظ أنه ما كان يمكن للشعب أن يتمتع بالحياة المقدسة إن لم تنزع منهم الخميرة الفاسدة التي تفسد العجين كله (1كو6:5)
الآيات (16-18): "فبكر يشوع في الغد وقدم إسرائيل بأسباطه فاخذ سبط يهوذا. ثم قدم قبيلة يهوذا فأخذت عشيرة الزارحيين ثم قدم عشيرة الزارحيين برجالهم فأخذ زبدي. فقدم بيته برجاله فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا."  لاحظ طول المدة فالله لم يحدد اسم عاخان أولاً ليعطيه فرصة للندم والتوبة.
آية (19): "فقال يشوع لعخان يا ابني أعط الآن مجداً للرب إله إسرائيل واعترف له واخبرني الآن ماذا عملت لا تخف عني."
 يشوع بمحبة أبوية يدعوه للاعتراف أمام الله وأمامه بصورة علنية وهذا هو مفهوم سر الاعتراف في الكنيسة. ولم يكتف يشوع بأن يقول له "اعترف أمام الله فقط".
آية (20): "فأجاب عخان يشوع وقال حقاً أني قد أخطأت إلى الرب إله إسرائيل وصنعت كذا وكذا."
     وكان اعتراف عاخان فيه أنه يعطي مجداً لله. فهو يعترف بخطيته ويبرر الله فيما فعله. وقد يكون الله قد قبل توبة عاخان لكنه نفذ فيه العقوبة الأرضية فيهلك الجسد حتى تخلص الروح في يوم الرب. وكان سبب أن الله أوقع العقوبة عليه بالرغم من اعترافه:-كان هذا التصرف هو الأول من نوعه بعد دخولهم كنعان فأراد الله أن يعطيهم درساً يبرز فيه بشاعة الخطية مؤكداً ضرورة بترها. وهذا نفس ما حدث مع ابني هرون ومع حنانيا وسفيرة. فمع كل بداية حتى لا يحدث تهاون يعلن الله رغبته في قداسة الجماعة. عاخان تمتع بالبركات الإلهية ورأي إنشقاق الأردن وإنهدام أسوار أريحا. تعجله للمكسب المادي بينما لو انتظر لكان الله أغناه كثيراً عوضاً عن الغنى الحرام؟ طول مدة القرعة لم يعترف، أي لم يبادر بالاعتراف من نفسه قبل أن تظهره القرعة.
آية (21): "رأيت في الغنيمة رداء شنعاريا نفيسا ومئتي شاقل فضة ولسان ذهب وزنه خمسون شاقلاً فأشتهيتها وأخذتها وها هي مطمورة في الأرض في وسط خيمتي والفضة تحتها."
     لاحظ تسلسل خطوات الخطية [1] رأيت.. [2] فإشتهيتها.. [3] وأخذتها. فالعثرة تبدأ بالرؤية غير المقدسة فالشهوة فالعمل ثم محاولة إخفاء الجريمة.. [1] وها هي مطمورة وهذا هو ما حدث مع حواء رؤية فشهوة فتنفيذ واختباء من أمام الله.. وكان الذي أخذه عاخان أشياء تعتبر ثمينة ولكن ما الذي استفاده عاخان؟ لقد ظن أن هذه الأشياء هي فرصة ثمينة ولكن لننظر ما الذي خسره.. [1] خسر ما سرقه من الله [2] خسر ميراثه في أرض يهوذا [3] خسر حياته وكل مقتنياته بل ربما أبديته. ونفس السؤال يوجه لكل من يعتبر الخطية فرصة ثمينة لا تعوض. وكانت المسروقات.
 
رداءً
شنعارياً نفيساً= وهو من أحسن الملابس في هذا الوقت. وهو يشير لشهوة الجسد والتنعم بأمور الأمم وملذاتهم وشهواتهم (شنعار هي بابل)
 
شاقل فضة= تشير لمحبة المال. والفضة تشير لكلمة الله وكونه طمرها فهذا
يشير لأنه لم يستفد من كلمة الله التي كانت من الممكن أن ترفعه للفكر السماوي.لسان ذهبي= يشير للسان الذي لا يسبح الله بل يتذمر عليه متكبراً في فلسفة عالمية براقة وفي كلمات صعبة (دا 8:7 + 11:7 + 25:7 + 20:7) خمسين شاقلاً= الخمسين رقم يتكلم عن الحرية (اليوبيل) ويتكلم عن حلول الروح القدس يوم الخمسين وهو أي عاخان طمرها في التراب، فهذا يمثل من أخذ الحرية وأخذ مواهب الروح القدس واستخدمها فرصة للجسد وتصرف في إباحية واستهتار.
)الايات  22، 24: "( فارسل يشوع رسلا فركضوا الى الخيمة و اذا هي مطمورة في خيمته و الفضة تحتها. فاخذوها من وسط الخيمة و اتوا بها الى يشوع و الى جميع بني اسرائيل و بسطوها امام الرب. فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له وجميع إسرائيل معه وصعدوا بهم إلى وادي عخور."
     وادي عخور= نسبة لعاخان أو عاخار ومعناه وادي الكدر والإزعاج، راجع (أش10:65) حيث يتحول غضب الله إلى رضي الله.
لاحظ
أن يشوع أخذ عاخان وبنيه وبناته ولم يقل زوجته، فهي إما ماتت أو هي كانت غير موافقة لزوجها فيما فعله. وفي (أية15) كان أمر الله بحرق المأخوذ بالحرام هو وكل ما له أي كل ما اقتناه وليس أولاده. فالله يعاقب الشخص المخطئ ولا يعاقب أولاده الأبرياء (تث16:24). وغالباً قوله وبنيه وبناته لا يفهم رجمهم إلا لو كانوا قد اشتركوا مع أبيهم، ولكن سياق الكلام لا يدل على هذا ففي (آية 25) يقول فرجمه ولم يقل رجموهم. ويكون قوله وأحرقوهم بالنار في (آية 25) عائدة على كل مقتنيات عاخان ويكون معنى أخذ بنيه وبناته معه كشهود لما يحدث عن محاكمة وعقاب.

الآيات ( 25 / 26 ) فقال يشوع كيف كدرتنا يكدرك الرب في هذا اليوم فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة واحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة. و اقاموا فوقه رجمة حجارة عظيمة الى هذا اليوم فرجع الرب عن حمو غضبه و لذلك دعي اسم ذلك المكان وادي عخور الى هذا اليوم."
يكدرك الرب= هذه ليست بمعنى التمني والدعاء ولكنها حكم على عاخان، هي جملة خبرية فيها يخبر يشوع عاخان بما قرره الله ضده كحكم عادل.
الاصحاح الثامن
 آية (1): "فقال الرب ليشوع لا تخف ولا ترتعب خذ معك جميع رجال الحرب وقم اصعد إلى عاي انظر قد دفعت بيدك ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه."  لاحظ أن الشعب كله = جميع رجال الحرب. في وضع استعداد ولا مكان للتراخي والراحة التي اقترحها الجواسيس. ولنلاحظ الشعب كله بروح واحد مستعد وأُخِذَ البعض ليراقب والبعض ليحارب (لذلك سنجد رقمين 30.000، 5000) ولكن لأن الكل كان في وضع استعداد فلقد شارك الكل في الغنيمة. ما أجمل الكنيسة التي تصلي بروح واحدة لأجل مشكلة معينة فلسوف يشترك الكل في فرحة الغنيمة والانتصار.
آية (2): "فتفعل بعاي وملكها كما فعلت باريحا وملكها غير أمروهم غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم اجعل كمينا للمدينة من ورائها."   الله بدأ هنا يعطيهم ثمار جهادهم = غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم بعد أن قدموا البكور (غنيمة أريحا) لله. ونجد الله يرشد يشوع لخطة عسكرية يضرب بها عاي= إجعل كميناً للمدينة= في أريحا اسقط الله الأسوار أمامهم وهنا لابد من الجهاد فالله بحكمته يدرب أولاده خطوة خطوة ليتعلموا الجهاد ضد حيل إبليس كما تعلم الأم أولادها السير فهي أولاً تحملهم على كتفها (هزيمة أريحا) ثم تتركهم يسيرون فيقعون على الأرض أولاً (سقوطهم أمام عاي) ثم يسيرون بسهولة (انتصارهم ثانية)
الآيات ( الايات من 3 : 29) فقام يشوع وجميع رجال الحرب للصعود إلى عاي وانتخب يشوع ثلاثين ألف رجل جبابرة البأس وأرسلهم ليلاً. وأوصاهم قائلاً انظروا انتم تكمنون للمدينة من وراء المدينة لا تبتعدوا من المدينة كثيراً وكونوا كلكم مستعدين. وأما أن وجميع الشعب الذي معي فنقترب إلى المدينة ويكون حينما يخرجون للقائنا كما في الأول أننا نهرب قدامهم. فيخرجون وراءنا حتى نجذبهم عن المدينة لأنها يقولون انهم هاربون أمامنا كما في الأول فنهرب قدامهم. وانتم تقومون من المكمن وتملكون المدينة ويدفعها الرب إلهكم بيدكم. ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار كقول الرب تفعلون انظروا قد أوصيتكم. فأرسلهم يشوع فساروا إلى المكمن ولبثوا بين بيت إبل وعاي غربي عاي وبات يشوع تلك الليلة في وسط الشعب. فبكر يشوع في الغد وعد الشعب وصعد هو وشيوخ إسرائيل قدام الشعب إلى عاي. وجميع رجال الحرب الذين معه صعدوا وتقدموا وأتوا إلى مقابل المدينة ونزلوا شمالي عاي والوادي بينهم وبين عاي. فاخذ نحو خمسة آلاف رجل وجعلهم كميناً بين بيت إبل وعاي غربي المدينة. وأقاموا الشعب أي كل الجيش الذي شمالي المدينة وكمينه غربي المدينة وسار يشوع تلك الليلة إلى وسط الوادي. وكان لما رأى ملك عاي ذلك انهم أسرعوا وبكروا وخرج رجال المدينة للقاء إسرائيل للحرب هو وجميع شعبه في الميعاد إلى قدام السهل وهو لا يعلم أمروهم عليه كميناً وراء المدينة. فأعطى يشوع وجميع إسرائيل انكساراً أمامهم وهربوا في طريق البرية. فالقي الصوت على جميع الشعب الذين في المدينة للسعي وراءهم فسعوا وراء يشوع وانجذبوا عن المدينة. ولم يبق في عاي آنية في بيت إبل رجل لم يخرج وراء إسرائيل فتركوا المدينة مفتوحة وسعوا وراء إسرائيل. فقال الرب ليشوع مد المزراق الذي بيدك نحو عاي لأني بيدك ادفعها فمد يشوع المزراق الذي بيده نحو المدينة. فقام الكمين بسرعة من مكانه وركضوا عندما مد يده ودخلوا المدينة وأخذوها وأسرعوا واحرقوا المدينة بالنار. فالتفت رجال عاي إلى ورائهم ونظروا وإذا دخان المدينة قد صعد إلى السماء فلم يكن لهم مكان للهرب هنا آنية هناك والشعب الهارب إلى البرية انقلب على الطارد. ولما رأى يشوع وجميع إسرائيل أمروهم الكمين قد اخذ المدينة وأمروهم دخان المدينة قد صعد انثنوا وضربوا رجال عاي. وهؤلاء خرجوا من المدينة للقائهم فكانوا في وسط إسرائيل هؤلاء من هنا وأولئك من هناك وضربوهم حتى لم يبق منهم شارد ولا منفلت. وأما ملك عاي فامسكوه حياً وتقدموا به إلى يشوع. وكان لما انتهى إسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقل في البرية حيث لحقوهم وسقطوا جميعا بحد السيف حتى فنوا أمروهم جميع إسرائيل رجع إلى عاي وضربوها بحد السيف. فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء اثني عشر ألفاً جميع أهل عاي. ويشوع لم يرد يده التي مدها بالمزراق حتى حرم جميع سكان عاي. لكن البهائم وغنيمة تلك المدينة نهبها إسرائيل لأنفسهم حسب قول الرب الذي أمر به يشوع. واحرق يشوع عاي وجعلها تلا أبدياً خراباً إلى هذا اليوم. وملك عاي علقه على الخشبة إلى وقت المساء وعند غروب الشمس أمر يشوع فانزلوا جثته عن الخشبة وطرحوها عند مدخل باب المدينة وأقاموا عليها رجمة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم."
     خطة الحرب تتلخص الخطة في تكوين 3 مجموعات 1 مجموعة مع يشوع  2  كمين 30000 خلف عاي 3 كمين 5000 بين بيت إيل وعاي مهمة المجموعة الأولى بقيادة يشوع أن تهجم فيخرج عليها جيش عاي فتستدير وتهرب فيظن جيش عاي أنهم سيهربون مثل المرة الأولى فيلاحقونهم ومهمة المجموعة الثانية أنه حين تفرغ عاي من جيشها يعطي يشوع علامة لهذه المجموعة فتقتحم عاي وتشعل بها النيران وتكون النيران علامة ليشوع ورجاله فيستديروا لضرب جيش عاي الذي أنهار نفسياً حينما شاهد حريق عاي. وتكون مهمة المجموعة الثالثة حماية الجيش من أي هجون محتمل من أهل بيت إيل لمعونة عاي. التفسير الروحي لما حدث: عاي بشرورها تمثل إبليس. والمجموعة التي تهاجم مع يشوع ثم تنسحب وتعود وتضرب تمثل شعب اليهود. والمجموعتين (30.000 + 5000) يمثلون الأمم المجموعة الأولى ويشوع بينهم تمثل اليهود. فالمسيح جاء من بينهم. والمجموعتين الثانيتين يمثلان الأمم، وهؤلاء لم يكن المسيح وسطهم "هم آمنوا به دون أن يروه بل لم يكن لهم النبوات التي كانت عند اليهود ولا الناموس". ويشوع كرمز للمسيح في هروبه أمام أهل عاي يمثل المسيح الذي استسلم للصليب وبعد ذلك استدار وهجم على إبليس وجنوده هو والذين معه (30.000 + 5.000 + كل رجال الحرب). ولاحظ معنى الأرقام 30.000 = 3×10×1000 = المؤمنين بالثالوث وهم بالمسيح قادرين على تتميم الوصايا (10) فيصيروا سماويين (1000). وهم صاروا بنعمة المسيح (رقم 5 رقم النعمة) سماويين (1000). ولاحظ أن الخطة متكاملة فما كان لفريق أن يغلب دون مساعدة الفريق الآخر. فالكنيسة متكاملة يهوداً وأمم. ولاحظ أن يشوع هو المدبر "ويسوع خرج غالباً ولكي يغلب" (رؤ2:6) وهي رأس جيشه كما أن المسيح رأس الكنيسة، فضرب عاي لم يكن بحيلة بشرية إنما بخطة إلهية استخدم الله فيها خدامه وشعبه، وإن كان هو كرأس للكنيسة قد دبر ووهب النصرة
وفي آية (8) المقصود إشعال حريق في جزء منها كعلامة فالله أعطاهم غنيمة المدينة.
وفي آية (10) وعد الشعب= أي جهزهم بأعدادهم. ومعنى كلمة عد الأصلي إفتقد الرجال في إماكنهم ليتأكد من استعدادهم
 وفي (13) سار يشوع إلى وسط الوادي= ربما لكي يختار أنسب مكان يرى منه الكمين المختفي وراء التلال خلف عاي ويراه من هذا المكان جيشه حتى يعطيهم العلامة بالهجوم حين يرى هو الحريق الذي يشعله الكمين.
وفي (14) في الميعاد= ربما الميعاد الذي حدده يشوع للحرب أو الميعاد الذي خرج فيه ملك عاي.
وفي (17) هذا خطأ من ملك عاي أن يترك بلده بلا حماية. والله قادر أن يصيب أعداء شعبه بالعمى وفي حقدهم على شعب الله يدمرون أنفسهم بأخطائهم. وهذا ما حدث مع فرعون فدمر جيشه في البحر. وفي (18) المزراق= الرمح وغالباً وضع عليه راية وكان يشوع في وضع عالٍ ليراه الكل. فمد يشوع المزراق الذي بيده.... وفي (26) لم يرد يده التي مدها بالمزراق حتى حرم جميع سكان عاي. وقارن مع (18) فقال الرب ليشوع مد يدك بالمزراق أمر الرب يشوع بمد يده يرمز لعمل التجسد الإلهي حيث تشير اليد إلى أقنوم الابن أما بسطها فيعني إعلانها. وكأن الابن أعلن ذاته خلال التجسد، مصوباً صليبه كمزراق يهدم به إبليس وحصونه ويحرق مملكته بنار روحه القدوس.. يشوع لم يرد يده بالمزراق حتى انتهت الحرب وهذا إعلان أن الله لم يرجع عن مساعدتهم ومد يد العون لهم. وهذا ما حدث مع موسى من قبل. الحربة هي سلاح مخيف للعدو وهكذا الصليب.. إذا بدأنا حربنا ضد العدو فلا يجب أن نرتد مرة أخرى بعد أن أشهرنا ضده السلاح ولذلك لم يعيد يسوع يده بالمزراق "من وضع يده على المحراث لا ينظر إلى خلف" بل يجب أن تظل عيوننا إلى الصليب المرفوع فنحارب ونغلب. عدم إرتداد يشوع بيده وبالمزراق يشير لأن المسيح سيظل يحارب عن طريقنا (رؤ6:2)

وفي آية (29) صلب ملك عاي. ملك عاي رمز للشيطان في هذه القصة. ومعنى صلبه أن المسيح بصليبه المنظور صلب الشيطان بطريقة غير منظورة (كو14:2،15) وحطم قوته وعلينا أن نصلب أنفسنا مع المسيح (غل14:6) فصليب المسيح علامة حبه لي وقبولي الصلب معه علامه حبي له. وإذا قبلت هذا يكون الشيطان وخداعاته لا سلطان لها علىّ كأن إبليس بالنسبة لي مصلوباً مسمراً. وموضع إبليس (عاي) يصير محروقاً وخراباً.
الآيات (30-35): "حينئذ بنى يشوع مذبحا للرب إله إسرائيل في جبل عيبال. كما أمر موسى عبد الرب بني إسرائيل كما هو مكتوب في سفر توراة موسى مذبح حجارة صحيحة لم يرفع أحد عليها حديداً واصعدوا عليه محرقات للرب وذبحوا ذبائح سلامة. وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التي كتبها أمام بني إسرائيل. وجميع إسرائيل وشيوخهم والعرفاء وقضاتهم وقفوا جانب التابوت من هنا ومن هناك مقابل الكهنة اللاويين حاملي تابوت عهد الرب الغريب كما الوطني نصفهم إلى جهة جبل جرزيم ونصفهم إلى جهة جبل عيبال كما أمر موسى عبد الرب أولاً لبركة شعب إسرائيل. وبعد ذلك قرا جميع كلام التوراة البركة واللعنة حسب كل ما كتب في سفر التوراة. لم تكن كلمة من كل ما أمر به موسى لم يقراها يشوع قدام كل جماعة إسرائيل والنساء والأطفال والغريب السائر في وسطهم."
كان المتوقع هنا أن نسمع عن باقي الفتوحات لتستمر قصة وتاريخ الشعب في الأرض لكننا نجد القصة تتوقف لنسمع عن إقامة مذبح علامة شكر لله الذي أعطاهم النجاح والغلبة. فالتاريخ والحروب بدون الله لا شئ ولا معنى لتاريخ شعب بدون الله فالغلبة والنصرة هي من عند الله. ونجد هنا يشوع يتمم أوامر موسى (تث1:27-8) ولنلاحظ في هذا المذبح:-  1 ــ لقد حدد الله مقدماً موضع إقامته بـ "جبل عيبال" وزمان إقامته "بعد عبور الأردن وقبل الإنتهاء من الحروب والشعور بالراحة فيها" (يش22:11) والله اختار جبل عيبال لكي يرتفع الشعب عليه بعد الاستيلاء على أريحا وعاي وقبل الدخول في بقية حروبهم حتى يكون لهم علاقة بالله قبل أن ينشغلوا بخيرات كنعان، وحتى يشكروا الله على ما أعطاهم ويطلبون العون لباقي المعارك. فإقامة مذبح هنا وفي هذا الوقت في منتهى الأهمية. ولنلاحظ أن إقامة هيكل سليمان بعد استقرار المملكة يرمز لدخولنا للسماء، أما مذبح عيبال فيشير لدخولنا إلى عربون السماء أثناء جهادنا على الأرض ننعم بالوجود الدائم في حضرة الرب خلال الإيمان لا العيان خلال ذبيحته المقدسة.  2 ــ يقام هذا المذبح من حجارة صحيحة والحجارة تشير للمؤمنين (1بط5:2) وهي حجارة حية لأنها التقت بمسيحها فصارت فيه صحيحة بعد أن حطمها عدو الخير. ولم يرفع أحد حديداً عليها أي تظل بسيطة كما هي لا يغير العالم منها شئ بأفكاره أو مبادئه، وعدو الخير لا يستطيع أن يأتي بشر عليها لأنها محفوظة في يدي مخلصها (يو28:10 + 1يو18:5). والكنيسة هي بيت الله والمسيح حجر الزاوية والرسل والتلاميذ حجارة أساس بسبب قوتهم (أف20:2 + 1كو11:3) 3ــ وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى (آية 22). وهكذا يلتحم المذبح بالشريعة أو العبادة بالوصية، فلا قبول لحياتنا كذبيحة حب لله بالعبادة وحدها دون طاعة الوصية الإلهية، ولا طاعة للوصية ما لم يعمل الله فينا خلال الذبيحة والعبادة. وإذا فهمنا أن الحجارة تشير للمؤمنين فمعنى أن يشوع كتب الشريعة والوصايا عليها فهذا يشير إلى أن يسوعنا المسيح كتب وصاياه في قلوبنا. المذبح الخفي لله. ولاحظ تأثير كلمات المسيح على قلوب تلميذي عمواس وكيف ألهبهما (لو27:24،32)
في آية (35) يشوع قرأ كلمات الله لجماعة إسرائيل (الرجال) والنساء والأطفال والغريب= فكلام المسيح صالح للجميع ولكل المستويات ليرفع الجميع، الرجال روحياً، ولينضج الأطفال روحياً، والنساء المدللين غير القادرين على الجهاد يصيرهن مجاهدين، والغرباء أي الموعوظين غير المؤمنين يصبرهم مؤمنين.سحاح الثامن

الاصحاح التاسع
من سفر يشوع
الآيات (2،1): ولما سمع جميع الملوك الذين في عبر الأردن في الجبل وفي السهل وفي كل ساحل البحر الكبير إلى جهة لبنان الحثيون والاموريون والكنعانيون والفرزيون والحويون واليبوسيون. اجتمعوا معا لمحاربة يشوع وإسرائيل بصوت واحد."
     عبور نهر الأردن لم يكن خاتمة الجهاد بل بدايته، فلقد هاجت الشعوب الكنعانية واجتمعوا معاً لمحاربة يشوع وإسرائيل. ونحن بعد المعمودية وبعد أن نتمتع بإمكانيات الله التي صارت لنا لا لنفخر ونتباحث فيها إنما لنستخدمها في جهادنا الروحي لأننا مع كل نصرة روحية نتوقع حرباً أشد. وعجيب هو إتفاق هذه الأمم وفي هذا التوقيت الآن.1 فلماذا لم يهاجموا إسرائيل بعد عبورهم الأردن مباشرة وقبل أن ينظموا صفوفهم أو وهم محاصرين أريحا وخطط إسرائيل للاستيلاء على كنعان لم تكن خافية على أحد.2 ولماذا لم يهاجموا إسرائيل من قبل، ويهاجموها الآن بعد أن أكتشفوا قوة إله إسرائيل في معركة أريحا وتخطيط يشوع في معركة عاى‍‍ لقد كان الأحكم أن يعقدوا مع إسرائيل معاهدة سلام لا أن يحاربوها. ولكن الله يعمي عيون أعداء شعبه فيتخبطون في قراراتهم.
الآيات (3-13): "وأما سكان جبعون لما سمعوا بما عمله يشوع باريحا وعاي. فهم عملوا بغدر ومضوا وداروا وأخذوا جوالق بالية لحميرهم وزقاق خمر بالية مشققة ومربوطة. ونعالاً بالية ومرقعة في أرجلهم وثياباً رثة عليهم وكل خبز زادهم يابس قد صار فتاتاً. وساروا إلى يشوع إلى المحلة في الجلجال وقالوا له ولرجال إسرائيل من أرض بعيدة جئنا والآن اقطعوا لنا عهداً. فقال رجال إسرائيل للحويين لعلك ساكن في وسطي فكيف اقطع لك عهداً. فقالوا ليشوع عبيدك نحن فقال لهم يشوع من أنتم ومن أين جئتم. فقالوا له من أرض بعيدة جداً جاء عبيدك على اسم الرب إلهك لأننا سمعنا خبره وكل ما عمل بمصر. وكل ما عمل بملكي الأموريين اللذين في عبر الأردن سيحون ملك حشبون وعوج ملك باشان الذي في عشتاروث. فكلمنا شيوخنا وجميع سكان أرضنا قائلين خذوا بأيديكم زاداً للطريق واذهبوا للقائهم وقولوا لهم عبيدكم نحن والآن اقطعوا لنا عهداً. هذا خبزنا سخنا تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا لكي نسير إليكم وها هو الآن يابس قد صار فتاتاً. وهذه زقاق الخمر التي ملأناها جديدة هوذا قد تشققت وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطريق جداً."
     حيلة بني جبعون= جبعون تقع شمال أورشليم على بعد 6 ميل وصارت تابعة لبنيامين بعد ذلك. ولقد أدرك بنو جبعون ما أدركته راحاب الزانية وأراد الكل الخلاص إذ رأوا يد الله القوية تعمل لحساب شعبه. أما بنو جبعون فلم يبلغوا ما بلغته راحاب وأن كانوا قد أرتفعوا عن بقية الأمم حولهم. لقد ارتفعت راحاب بروح الإيمان والحب أما بنو جبعون فقد خلصوا من الموت بالخوف والمكر. وفي (4) عملوا بغدر= صحة ترجمة الكلمة عملوا بخداع. جوالق= أشولة للزاد ومربوطة= أى تشققت فى الطريق فلم يستطيعوا إصلاحها فربطوها. وفي خداعهم ذكروا في (9،10) أعمال الرب القديمة مع شعبه ولم يذكروا الأعمال الجديدة مثل شق الأردن وما بعده حتى لا يظهر أنهم سمعوا فيفهم يشوع أنهم قريبين. وهم لم يذكروا اسم بلدهم كأن يشوع لن يعرفها لبعدها. ولكنهم مجدوا اسم الله واظهروا أنهم يؤمنون به حتى ينالوا عطف يشوع بل عرضوا أن يكونوا عبيداً لإسرائيل وهذا يعني ضمناً أنهم قبلوا أن يصيروا عبيداً لله ورفضوا أوثانهم ولنتأمل فيما عملوا.. ألا يحق لنا أن نعمل مثلهم مع إلهنا ونترك كل خطية ونملكه على قلوبنا فنضمن حياتنا. لا ننكر أن بني جبعون لهم موقف إيجابي لكنهم يمثلون من يأتي إلى الله خوفاً من ضياع البركات الزمنية وخسارة أمور العالم البالية. ومن يلتصق بأمور العالم هو مازال يحيا في إنسانه العتيق لذلك يحيا كعبد. لذلك يمثل بنى جبعون أدنى درجات الإيمان وأقل المتمتعين بالمجد (1كو39:15-41). أما راحاب فتمثل الإنسان الذي خلع إنسانه القديم وألقى بشهوات جسده تحت قدميه طلباً للمجد الأبدي ولنلاحظ أن بني جبعون لو أعلنوا إيمانهم وتوبتهم عن وثنيتهم وشرورهم لكان من المؤكد أن الله سيأمر يشوع بقبولهم ولصاروا في درجة أعلى (يو2:14). ولكنهم بهذا الفكر والخوف والمكر إختاروا لأنفسهم أن يحيوا كعبيد وكان هذا قرار يشوع (آية 23) بل كان هذا طلبهم (آية 11). وقارن مع راحاب التي حصلت على العضوية وصارت أماً في إسرائيل بل أماً للمسيح بل رمزاً للكنيسة.
الآيات (14-22): "فأخذ الرجال من زادهم ومن فم الرب لم يسألوا. فعمل يشوع لهم صلحاً وقطع لهم عهداً لاستحيائهم وحلف لهم رؤساء الجماعة. وفي نهاية ثلاثة أو بعدما قطعوا لهم عهداً سمعوا أنهم قريبون إليهم وأنهم ساكنون في وسطهم. فارتحل بنو اسرائيل و جاءوا الى مدنهم في اليوم الثالث و مدنهم هي جبعون و الكفيرة و بئيروت و قرية يعاريم. و لم يضربهم بنو اسرائيل لان رؤساء الجماعة حلفوا لهم بالرب اله اسرائيل فتذمر كل الجماعة على الرؤساء. فقال جميع الرؤساء لكل الجماعة اننا قد حلفنا لهم بالرب اله اسرائيل و الان لا نتمكن من مسهم. هذا نصنعه لهم و نستحييهم فلا يكون علينا سخط من اجل الحلف الذي حلفنا لهم. و قال لهم الرؤساء يحيون و يكونون محتطبي حطب و مستقي ماء لكل الجماعة كما كلمهم الرؤساء. فدعاهم يشوع و كلمهم قائلا لماذا خدعتمونا قائلين نحن بعيدون عنكم جدا و انتم ساكنون في وسطنا."

     فأخذ الرجال من زادهم= هذه الآية تفهم بمعنيين [1] صدق الشعب روايتهم بسبب حال زادهم [2] أكل الشعب من خبزهم علامة العهد. ومن فم الرب لم يسألوا= للمرة الثانية يسقط يشوع ورجاله في ذات الخطأ وهو التصرف دون مشورة الله. هم شكوا في أمر بني جبعون لكنهم اكتفوا باستخدام الحكمة البشرية دون الإلتجاء لله فانخدعوا. ولنلاحظ أن الشعب بالإيمان والطاعة غلب أريحا المحصنة، أما هنا فانخدعوا في معركة الخداع حيث يتظاهر العدو بأنه صديق يطلب الدخول في عهد (2كو3:11 + 1يو1:4). ولكن من المؤكد أن يشوع صدق خبرهم [1] في طيبة قلبه [2] الله لم يكشف له علاقة دخول الأمم للإيمان [3] لا يمنع الله دخول ضعاف الإيمان لشعبه وبمعاملاته معهم ينمو إيمانهم ويزداد.
وفي نهاية ثلاثة أيام= بعد أن وصل الوفد الجبعوني إلى بلاده وأشاع أخبار المعاهدة مع إسرائيل.
الآيات (23-27): "فالآن ملعونون أنتم فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت الهي. فاجابوا يشوع و قالوا اخبر عبيدك اخبارا بما امر به الرب الهك موسى عبده ان يعطيكم كل الارض و يبيد جميع سكان الارض من امامكم فخفنا جدا على انفسنا من قبلكم ففعلنا هذا الامر. و الان فهوذا نحن بيدك فافعل بنا ما هو صالح و حق في عينيك ان تعمل. ففعل بهم هكذا و انقذهم من يد بني اسرائيل فلم يقتلوهم. و جعلهم يشوع في ذلك اليوم محتطبي حطب و مستقي ماء للجماعة و لمذبح الرب الى هذا اليوم في المكان الذي يختاره."
ملعونون= هو يؤكد نبوة نوح على كنعان. لا ينقطع منكم العبيد= سموا بعد ذلك النثينيم وهؤلاء صاروا عبيد. ولكنهم حصلوا على كرامة خدمة البيت= مستقوا الماء لبيت إلهي.













الاصحاح العاشر من سفر يشوع
      ربما مر بعض الوقت بعد أن ضرب يشوع أريحا بأمر من الله وضرب عاي بخطة عسكرية واستسلم له الجبعونيون. والآن نجد خمسة ملوك يحاربون جبعون بسبب تسليمهم أنفسهم لإسرائيل وإله إسرائيل. وطلبت جبعون الحماية من يشوع ولهم كل الحق فهم الآن بحسب ما حكم يشوع عبيداً للشعب ويجب على السادة أن يحموا ويدافعوا عن عبيدهم. والأهم فهم صاروا الآن عبيداً لله. فهم قبلوا أن يخدموا بيت الله ومذبحه المقدس وهم أسموا أنفسهم عبيداً ليشوع. إذاً فالهجوم عليهم يعتبره الله هجوم على الله نفسه. والآن هم يستنجدون بيشوع فكأنهم يحتمون بإله إسرائيل. وكان يشوع قد توقف بعد حرب عاي عن الحرب حتى حدث هذا التجمع لملوك كنعان وكان تجمعهم هذا لحرب جبعون إشارة إلى يشوع ليبدأ الحرب من جديد بل هذا سهل له الحرب فهو ضربهم كلهم في ضربة واحدة. ونلاحظ أنها حرب 5 ملوك ضد شعب الله وبالمعنى الرمزي فرقم (5) يشير للحواس التي يأتي منها هجوم عدو الخير ولكن في الوقت نفسه يشير لنعمة الله القادرة على مساندة ابن الله المؤمن ولو استعان بهذه النعمة يغلب كما غلب يشوع.
آية (1): "فلما سمع أدوني صادق ملك أورشليم أمروهم يشوع قد أخذ عاي وحرمها كما فعل بأريحا وملكها فعل بعاي وملكها وأمروهم سكان جبعون قد صالحوا إسرائيل وكانوا في وسطهم."
     أدوني صادق ملك أورشليم= هنا نجد أول ذكر لأورشليم في الكتاب المقدس. ولاحظ أن ملكي صادق كان ملك ساليم فيبدو أن صادق وهي تعني البر هو لقب لملوك أورشليم وأدوني صادق تعني رب البر أما أورشليم فلها عدة تفسيرات. أورشليم يرو (أساس) , شليم (السلام) = أساس السلام   أور (نور) , شليم (السلام) = نور السلام   رأاه (رأى) , شليم (السلام) = سوف يرى السلام
الآيات (2-8): " خاف جدا لان جبعون مدينة عظيمة كاحدى المدن الملكية و هي اعظم من عاي و كل رجالها جبابرة. فارسل ادوني صادق ملك اورشليم الى هوهام ملك حبرون و فرام ملك يرموت و يافيع ملك لخيش و دبير ملك عجلون يقول. أصعدوا إلىّ وأعينوني فنضرب جبعون لأنكم صالحت يشوع وبني إسرائيل. فاجتمع ملوك الاموريين الخمسة ملك اورشليم و ملك حبرون و ملك يرموت و ملك لخيش و ملك عجلون و صعدوا هم و كل جيوشهم و نزلوا على جبعون و حاربوها. فارسل اهل جبعون الى يشوع الى المحلة في الجلجال يقولون لا ترخ يديك عن عبيدك اصعد الينا عاجلا و خلصنا و اعنا لانه قد اجتمع علينا جميع ملوك الاموريين الساكنين في الجبل. فصعد يشوع من الجلجال هو و جميع رجال الحرب معه و كل جبابرة الباس. فقال الرب ليشوع لا تخفهم لاني بيدك قد اسلمتهم لا يقف رجل منهم بوجهك."
     هؤلاء الملوك طلبوا أن يحاربوا جبعون لأنها صالحت يشوع وبنى إسرائيل. وأي نفس تصطلح مع المسيح وترجع لكنيسته تتعرض لحروب إبليس. وهم خمسة إشارة للحواس الثائرة فإبليس يستخدم حواسنا ولكن لا يهزم إبليس في هذه الحرب سوى يشوعنا الحقيقي أي المسيح فهو الذي يقدس حواسنا إذا استغثنا به.
آية (9): "فأتى إليهم يشوع بغتة صعد الليل كله من الجلجال."
     صعد يشوع ليلاً حتى لا يضيع الوقت وتضرب جبعون.
الآيات (10-14): "فأزعجهم الرب أمام إسرائيل وضربهم ضربة عظيمة في جبعون وطردهم في طريق عقبة بيت حورون وضربهم إلى عزيقة وإلى مقيدة. وبينما هم هاربون من أمام إسرائيل وهم في منحدر بيت حورون رماهم الرب بحجارة عظيمة من السماء إلى عزيقة فماتوا والذين ماتوا بحجارة البرد هم أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل بالسيف. حينئذ كلم يشوع الرب يوم أسلم الرب الأموريين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي أيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى أنتقم الشعب من أعدائه أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيه الرب صوت إنسان لأن الرب حارب عن إسرائيل."
الله يساعد يشوع ضد ملوك كنعان بثلاث طرق عجيبة إعجازية:
1إزعجهم= بطريقة عجيبة فخافوا وهربوا من أمام يشوع.
 2رماهم الله بحجارة عظيمة من السماء= بعد أن هربوا سقطت الحجارة عليهم.
3وقوف الشمس والقمر= ليعطي الله الفرصة ليشوع ليضربهم ضربة نهائية
.ولنلاحظ:
أ. الكنعانيين عبدوا السماء والنجوم وها ضربتم تأتي من السماء (حجارة البرد) بينما من عبد إله السماء (يشوع) جعل الشمس والقمر يقفان بحسب طلبه. فالله يسخر الطبيعة لخدمة أولاده، فالشمس والقمر يقفان والسماء تسقط حجارة.
ب. حدث موضوع حجارة البرد قبل ذلك مع موسى ضد فرعون (خر18:9-26) وسوف يحدث ثانية (خر22:38 + رؤ21:16). وهي معجزة أن يصيب البرد أعداء شعب الله ولا يصيب الشعب. والبرد هو كرات عظيمة من الثلج تهبط بسرعة من السماء فتقتل بأوزانها الرهيبة، وهناك من فسرها بأنها تنشأ عن مرور نيزك في الغلاف الجوي ويتفتت إلى أحجار ضخمة تسقط بسرعات عظيمة وقد حدث هذا في أماكن متعددة من العالم. لكن كونه يسقط على أعداء شعب الله ولا يسقط على شعب الله فهذه هي المعجزة وهذه يد الله.
ج. لنلاحظ أن الله وعد يشوع بالنصر (آية 8) لكن هذا الوعد لم يجعل يشوع ينام ويتراخي بل سار الليل كله (آية 9) حتى لا يضيع الوقت فليس معنى وعد الله أن نتراخى. ولنلاحظ أن هناك معجزة أخرى فإن يشوع سار مع جيشه الليل كله ثم حاربوا كل اليوم بل طلب أن يزداد اليوم طولاً، وقد طال اليوم حوالي يوم آخر وكل هذا بلا راحة فمن أين أتت هذه الطاقة ليشوع وللشعب، هذه هي نعمة الله التي تنسكب على كل من يجاهد ولا يتراخى.
د. هذه المعجزة لفتت أنظار العالم لهذا الشعب الذي يسانده الله ليصير هذا الشعب نوراً للعالم، وليفهم من يعبد الشمس والقمر من هو الله إله هذا الشعب وخالق هذه الكواكب. إذاً هذه المعجزة كما كانت مساندة من الله لشعبه كانت لدعوة الوثنيين للإيمان.
هـ. تطلع يشوع للسماء فرأى الشمس ورأى القمر في وقت واحد، رأى الشمس في كبد السماء فوقه تماماً ورأى القمر على الجانب الآخر وهو تصور أنه فوق وادي إيلون أي وادي الإيائل (وهي مدينة غرب أورشليم بحوالي 14ميل) والقمر يمكن أحياناً رؤيته بالنهار ولكنه يتحرك من الشرق للغرب. وكان طلب يشوع أن يتوقف كلاهما عن الحركة ويبقي الوضع كما هو حتى تنتهي الحرب وتكمل الضربة.
و. الله عمل الشمس لتكون لآيات (تك14:1). أي لمعجزات وهذه إحدى المعجزات وهناك معجزات أخرى [1] رجوع الظل أيام حزقيا الملك [2] كسوف الشمس يوم صلب رب المجد.
ز. يقول هيرودوت أن كهنة المصريين أطلعوه على وثائق تتحدث عن يوم أطول من المعتاد. وتفيد الكتابات الصينية أنه كان هناك يوم مماثل لهذا في عهد إمبراطورهم "يو" وهو معاصر ليشوع. وفي المكسيك وثائق تثبت أن يوماً طويلاً حدث في إحدى السنين.
ح. سفر ياشر= هو كتاب عبراني به أناشيد مديح لأبطال إسرائيل. وغالباً هو كتاب سجله رجل علماني أحب الشعر والأدب، فيه سجل بعض الأحداث الهامة الدينية والزمنية، وبه قصيدة عن هذا اليوم العجيب الذي توقفت فيه الشمس.
ط. الشعب حارب وغلب أعدائه لأن الشمس لم تغيب. والآن شمس برنا المسيح قد أشرق وهو لن يغيب فلنا إمكانية أن نغلب أعدائنا دائماً، فالمسيح نور كنيسته. وهو يقول "ها أنا معكم كل الأيام" (مت20:28) بينما نحارب ضد أعدائنا (اف12:)
الآيات (15 ، 16 ) " ثم رجع يشوع و جميع اسرائيل معه الى المحلة في الجلجال. فهرب أولئك الخمسة الملوك وأختباوا في مغارة في مقيدة
     إذا فهمنا أن الملوك الخمسة يشيروا للحواس الخمسة التي بها يشعل الشيطان شهواتنا. فنفهم أن من يستجيب لحرب الحواس يكون مصيره الدفن في مغارة.
الآيات (17،18): " فاخبر يشوع و قيل له قد وجد الملوك الخمسة مختبئين في مغارة في مقيدة. فقال يشوع دحرجوا حجارة عظيمة على فم المغارة وأقيموا عليها رجالاً لأجل حفظهم."
      نجد يشوع قد حبسهم في المغارة. فإن كان دنس الحواس يحبسنا في الأرضيات ويخنق نفوسنا كما في مغارة. فإنه يليق بنا ونحن تحت قيادة يشوعنا أن نعتبر أن أهوائنا وشهواتنا مصلوبة ومحبوسة في مغارة وندحرج عليها حجر كبير.
الآيات (19-21): "وأما أنتم فلا تقفوا بل أسعوا وراء أعدائكم واضربوا مؤخرهم لا تدعوهم يدخلون مدنهم لأن الرب إلهكم قد أسلمهم بيدكم. و لما انتهى يشوع و بنو اسرائيل من ضربهم ضربة عظيمة جدا حتى فنوا و الشرد الذين شردوا منهم دخلوا المدن المحصنة. رجع جميع الشعب الى المحلة الى يشوع في مقيدة بسلام لم يسن احد لسانه على بني اسرائيل."
     لا نكتفي بحبس الشهوات وإلا تحول هذا إلى كبت في داخلنا. ولكن لنهتم بالدور الإيجابي فلا نكف عن الجهاد = لا تقفوا بل اسعوا وراء أعدائكم. هذا يشير لدور المؤمن في جهاده في صلواته وعلاقته بالله، عينه مرفوعه للسماء في صلاته وفي انتظاره لمجيء الرب الثاني وأذنه مفتوحة لسماع صوت الروح القدس، مجاهداً أن يتلامس مع المسيح فيحصل على قوة وبهذا تتقدس حواسه ولا يعود هناك مجال لأن يقال "هناك كبت" بل حينما تتقدس الحواس لا يعود هناك خوف من حرب الحواس.
الآيات (22،23): "فقال يشوع أفتحوا فم المغارة وأخرجوا إلى هؤلاء الخمسة الملوك من المغارة. ففعلوا كذلك و اخرجوا اليه اولئك الملوك الخمسة من المغارة ملك اورشليم و ملك حبرون و ملك يرموت و ملك لخيش و ملك عجلون."
     أفتحوا فم المغارة= بعد أن صلبنا أهوائنا وشهواتنا (وضع الملوك في المغارة) وبعد أن جاهدنا وراء أعدائنا وجاهدنا في صلواتنا (حرب ضد الأعداء) لا ينتهي العمل إلا بعد أن يقتل يشوعنا الملوك الذين يحاربوننا. وقتها نجد حواسنا وقد ملك عليها المسيح تماماً.
الآيات (24-26): "وكان لما اخرجوا أولئك الملوك إلى يشوع أمروهم يشوع دعا كل رجال إسرائيل وقال لقواد رجال الحرب الذين ساروا معه تقدموا وضعوا أرجلكم على أعناق هؤلاء الملوك فتقدموا ووضعوا أرجلهم على أعناقهم. فقال لهم يشوع لا تخافوا و لا ترتعبوا تشددوا و تشجعوا لانه هكذا يفعل الرب بجميع اعدائكم الذين تحاربونهم. و ضربهم يشوع بعد ذلك و قتلهم و علقهم على خمس خشب و بقوا معلقين على الخشب حتى المساء. "
وضع الأرجل على أعناق الملوك يعني:1رمز لأن الله فوق آلهة هؤلاء الملوك وأوثانهم. 2 من يقاوم الله يسحقه الله. 3 من يحاول أن يؤذي أولاد الله يسحقه الله.4 تشجيع للشعب في معاركه القادمة، وتحذير للشعب بأن هذه هى نهاية الأشرار فلا يخطئوا مثلهم. 5 رمز لما قال وحققه المسيح بعد ذلك "أعطانا سلطاناً أن ندوس على الحيات والعقارب" (لو19:10) أي قدم لنا إمكانية النصرة على سلاطين الشر لنحارب بلا خوف.
آية (27): "وكان عند غروب الشمس أمروهم يشوع أمر فأنزلوهم عن الخشب وطرحوهم في المغارة التي أختباوا فيها ووضعوا حجارة كبيرة على فم المغارة حتى إلى هذا اليوم عينه."
     كانت المغارة التي اختبأوا فيها هي قبرهم النهائي. دخلوها بإرادتهم وها هم يسقطون كجثث فيها بغير إرادتهم. فالخطية تحمل ثمرتها فيها. فالهلاك الأبدي هو إمتداد طبيعي لما يمارسه الإنسان على الأرض. فمن اختار بإرادته المغارة الأرضية (قبر الشهوات) ينزل إلى الإعماق (الهاوية والهلاك) بغير إرادته.
آية (28-43): "وأخذ يشوع مقيدة في ذلك اليوم وضربها بحد السيف وحرم ملكها هو وكل نفس بها لم يبق شارداً وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا. ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكل إسرائيل معه إلى لبنة وحارب لبنة. فدفعها الرب هي أيضا بيد إسرائيل مع ملكها فضربها بحد السيف وكل نفس بها لم يبق بها شاردا وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا. ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لبنة إلى لخيش ونزل عليها وحاربها. فدفع الرب لخيش بيد إسرائيل فأخذها في اليوم الثاني وضربها بحد السيف وكل نفس بها حسب كل ما فعل بلبنة. حينئذ صعد هورام ملك جازر لإعانة لخيش وضربه يشوع مع شعبه حتى لم يبق له شارداً. ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون فنزلوا عليها وحاربوها. وأخذوها في ذلك اليوم وضربوها بحد السيف وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم حسب كل ما فعل بلخيش. ثم صعد يشوع وجميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون وحاربوها. وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها وكل مدنها وكل نفس بها لم يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها. ثم رجع يشوع وكل إسرائيل معه إلى دبير وحاربها. وأخذها مع ملكها وكل مدنها وضربوها بحد السيف وحرموا كل نفس بها لم يبق شارداً كما فعل بحبرون كذلك فعل بدبير وملكها وكما فعل بلبنة وملكها. فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها لم يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل. فضربهم يشوع من قادش برنيع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون. وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل. ثم رجع يشوع وجميع إسرائيل معه إلى المحلة إلى الجلجال.
     ليس معنى الانتصار في معركة أن الحرب انتهت، بل الحرب مستمرة والانتصار مستمر ودائماً هناك غنائم لشعب الله. فيسوع يقودنا دائماً لمعارك نكسب فيها الكثير. ورموز الأسماء. مقيدة= اسم كنعاني= موضع الرعاة، امتلكها أولاً ملوك ورعاة أشرار (ذئاب) دنسوا الحواس والآن يملكها يشوع فيقدسها. لبنة= بياض كانت سابقاً بياض البرص فصارت بياض النور.
     ملحوظة: في آية (37): يقول أنهم قتلوا ملك حبرون. وفي آية (23) قبل ذلك قال أنهم قتلوه. وهناك رأيين [1] بعد قتل الملك الأول أقاموا ملكاً آخر وهذا قتل أيضاً [2] أن ما ذكر في آية 37 راجع لما ذكر في آية 23 والرأي الأول أرجح.



الاصحاح الحادي عشر من سفر يشوع
تحالف يايين ملك حاصور مع مع الملوك لمحاربة يشوع ( ع 1 ــ  5 ) : "  1 فلما سمع يايين ملك حاصور ارسل الي يوباب ملك مادون والي ملك شمرون والى ملك اكشاف.  2 والى الملوك الذين الى الشمال في الجبل وفي العربة جنوبي كنروت وفي السهل وفي مرتفعات دور غربا . 3 الكنعانيين في الشرق والغرب والأموريين والحثيين والفرزيين واليبوسيين في الجبل والحويين تحت حرمون في ارض المصفاة . 4 فخرجوا وكل جيوشهم معهم شعباً غفيراً كالرمل الذي على شاطيء البحر في الكثرة بخيل ومركبات كثيرة جداً . 5 فاجتمع جميع هؤلاء الملوك بميعاد وجاءوا ونزلوا معاُ على مياه سيروم لكي يحاربوا اسرائيل .  لم يسكت ملوك كنعان بل  عملوا مؤامرة جديدة بمشورة يايين ملك حاصور حيث الف حلفاً ثانياً من ملوك الشمال لمحاربة شعب الله  وكان هذا الحلف اوسع نطاقاً من سابقه لأنه ضم شعوباً كثيرة .  ومعنى يايين " الرب يراقب " وكان اسمه على غير مسمى مثل ادوني صادق ملك اورشليم . وعاصمة يايين " حاصور " وهي مينة كبيرة في شمال فلسطين . وقد يكون يايين هو لقب لكل ملوك حاصور حيث ذكر في سفر القضاة انه كان هناك ملكاً اخر لحاصور اسمه يايين . تحالف يايين مع عدد من الملوك وشعوبهم وهم :1 ــ يوباب ملك مادون .. وهي تدعى مادين الآن وهي من خرب الجليل . 2 ــ ملك شمرون .. ويرجح ان تكون السميرية الآن وهي تبعد ساعة ونصف عن عكا .3 ــ ملك اكشاف .. ويرجح النها تل كيسان بالقرب من جنين .4 ــ الملوك الذين في الجبل .. اي المناطق الجبلية في شمال فلسطين .5 ــ العربة .. ويقصد بها بصفة عامة المناطق المنخفضة " السهول " التي يجري فيها نهر الاردن وبحيرة جنيسارت او طبرية . 6 ــ السهل .. وهي سهول المنطقة الشمالية بخلاف العربة .7 ــ الملوك الذين في مرتفعات دور غرباً .. ودور اقليم كبير على البحر المتوسط وكان يقيم بها الكنعانيون .8 ــ الكنعانيون في الشرق والغرب .. اي الكنعانيون الساكنون في شكمال فلسطين شرقاً بجوار الضفة الغربية للاردن وغرباً مجاورين للبحر المتوسط .9 ــ الاموريين .. اقوى واكبر الشعوب الكنعانية وسكنوا غرب وشرق الاردن والذين سحق موسى النبي سيحون مليكهم .10 ــ الحثيين .. بنوحث من كنعان بن حام "  تك 10 : 15 " وسكنوا اولاً في حخبرون ثم اتسعت ممتلكاتهم .11 ــ الفرزيين .. من نسل كنعان ايضاً . وربما يكونوا من نسل اخر او سكان البلاد الاصليين .12 ــ اليبوسيين .. من نسل كنعان ايضاً " تك 10 : 16 " وسميت باسمهم مدينة يبوسي " اورشليم " 13 ــ الحويين .. تحت حرمون في ارض المصفاة وهم من نسل كنعان ايضاً " تك 10 : 17 " .....  اجتمعت كل هذه المملك والشعوب لمحاربة اسرائيل ويعبر عن الكتاب بانهم كانوا كالرمل الذي على شاكيء البحر كناية على عددهم الهائل وكانت لهم خيل ومركبات .. اي موفوري العدد والعدة .. في حين لم يكن اسرائيل يملك شيء من هذه العدة والعتاد ، ولكن يكفيهم الرب .وقد حددوا الزمان والمكان للحرب فقد اجتمعوا معاً بميعاد واحد .. كما حددوا المكان  وهو على مياه ميروم " بلدة معناها المرتفعة ويرجح ان تكون ميرون الآن القريبة من بحر الجليل .. وهي مكان يتوسط كل هذه الممالك والشعوب .
انتصار يشوع على الملوك " ع 6 ــ 9 " :
" 6  فقال الرب ليشوع لا تخفهم لانهم غداً في مثل هذا الوقت ادفعهم جميعاً قتلى امام اسرائيل فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار " حدد الملوك ميعاداً ليجتمعوا فيه لمحاربة اسرائيل .. وحدد الرب ميعاداً لنصرة يشوع وهو غدا في مثل هذا الوقت فما اصدق مواعيد الله وما اكذب مواعيد البشر .. كان على اسرائيل ان يعرقب خيل العدو " كسر العقبين الخلفيين للحيوان " حتى لا يفكر اسرائيل في اقتناء خيل ويفتروا بقوتهم العسكرية مثل الشعوب الوثنيين . ويحرق مركباتهم بالنار .
" 7 فجاء يشوع وكل رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتة وسقطوا عليهم "  خرج يشوع ورجاله وهجم على اعداءه فجأة قبل ان يهاجموه . وقوله "سقطوا عليهم "  اي انقضوا عليهم .
" 8 فدفعهم الرب بيد اسرائيل فضربوهم وطردوهم الى صيدون العظيمة والي مسرفوت مايم والى بقعة مصفاة شرقاً فضربهم حتى لم لهم شارد "  طردوهم وفروا هاربين الي :1 صيدون العظيمة " صيدا " احدى المدن العريقة العظيمة وموقعها حصين للغاية لآنها تقع بين جبال لبنان والبحر المتوسط   2 مسرفوت مايم " وتقع على البحر المتوسط شمال فلسطين ومعناها " الينابيع او المياه الساخنة " 3  بقعة مصفاة شرقاً " وتقع في الشمال الشرقي لفلسطين ومصفاة تعني برج الاجراس .... ورغم هروبهم تمكن الاسرائيليون من معظمهم ولحقوا بهم قبل الهرب حتى لم يشرد منهم احد . 
" 9 ففعل يشوع بهم كما قال له الرب .عرقب خيلهم واحرق مركباتهم بالنار " فعل بنواسرائيل بالعدو كما قال لهم الرب وبدون ادنى عناء انتصر اسرائيل على الممالك الكثيرة والعظيمة .
استيلاء يشوع على بعض المدن " ع 10 ــ 20 " :
" 10 ثم رجع يشوع في ذلك الوقت واخذ حاصور وضرب ملكها بالسيف لأن حاصور كانت قبلاً راس جميع تلك الممالك . 11 وضربوا كل نفس بها بحد السيف . حرموهم ولم تبق نسمة . واحرق حاصور بالنار "   انتهت الحرب العسكرية وبدأت الحرب في المدن تماماُ كما فعلوا مع ملوك الجنوب " ص 10 " وكانت اول المدن المحرمة حاصور لآنها راس الفتنة واصلها كما كانت اورشليم بالنسبة للمالك الجنوب .
" 12 فاخذ يشوع كل مدن اولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف وحرمهم كما امر موسى عبد الرب" استولى يشوع على باقي المدن المتحالفة مع حاصور بناءاً على امر الرب على فم موسى النبي .
" 13 غير ان المدن القائمة على تلالها لم يحرقها اسرائيل ماعدا حاصور وحدها احرقها يشوع " كانت هناك مدن حصينة بمثابة قلوع وحصون سوف يستفاد منها اسرائيل فيما بعد لذلك كان امر الرب الا تحرق هذه القلاع الحصينة ولم تحرق الا حاصور لتكون عبرة للامم .
" 14 وكل غنيمة تلك المدن والبهائم نهبها بنو اسرائيل لآنفسهم . واما الرجال فضربوهم جميعاً بحد السيف حتى ابادوهم ولم يبقوا نسمة "   غنم اسرائيل لنفسه البهائم والاموال والنساء ولكي يأمنوا شر الرجال ابادوهم بحد السيف كعقاب لهذه الشعوب المعتدية .
" 15 كما امر الرب موسى عبده هكذا مر موسى يشوع وهكذا فعل يشوع لم يهمل شيئاً من كل ما امر به الرب موسى "
      فلم بفعل يشوع ولا موسى شيئاً من تلقاء انفسهم بل حسب امر الرب فعلوا وكان الرب قد سلم شريعته بصفة كاملة لموسى بما فيها التحريم فقد عين له الشعوب التي تحرم . وسلم موسى الشريعة ايضاً ليشوع فنفذ يشوع كل ما امر به الرب عبده موسى " لم يهمل شيئاً مما امر به الرب موسى" .
" 16 فاخذ يشوع كل تلك الارض الجبل وكل الجنوب وكل ارض جوشن والسهل والعربة وجبل اسرائيل وسهله "
     بهاتين الحربين على الجنوب "اصحاح 10 " وعلى الشمال " ص 11 " استولى اسرائيل على الكثير من الممالك الكنعانية " جبل اسرائيل وسهله " ويقصد بها الارض الجبلية والسهول التي اعطاها الرب لاسرائيل في ارض كنعان والتي كان سيعطيها لهم ايضاً حسب وعد الرب لهم حيث كان في قصد الله ان تكون لهم فسميت باسمهم.
" 17 من الجبل الاقرع الصاعد الى سعير الى بعل جاد في بقعة لبنان تحت جبل حرمون . واخذ جميع ملوكها وضربهم وقتلهم "الجبل الاقرع : اي الاملس الخالي من الاشجار في جنوب ارض فلسطين في طريق ارض سعير الممتدة من البحر الميت الى خليج العقبة  ... بعل جاد : وهي تعتبر الحد الشمالي لفتوحات يشوع وهي " قيصرية فيلبس " في بقاع لبنان .
" 18 فعمل يشوع حرباً مع اولئك الملوك أياماً كثيرة " هذه عبارة اجمالية عن  الحروب التي خاضها يشوع ضد الحلفين الجنوبي والشمالي .. وقد استخدمت حروبه اياماً كثيرة لأنها شغلت نحو سبع سنوات استراح بعدها من الحرب هو وشعبة .
" 19 لم تكن مدينة صالحت بني اسرائيل الا الحويين سكان جبعون بل اخذوا الجميع بالحرب "  انها المدينة الوحيدة التي عملت معاهدة سلام مع اسرائيل " جبعون " التي كان يسكنها جماعة من الحويين . ولم يكن من الناجين من سيف اسرائيل الا راحاب الزانية وعشيرتها ايضاً .
" 20 لآنه كان من قبل الرب أن يشدد قلوبهم حتى يلاقوا اسرائيل للمحاربة فيحرموا فلا تكون عليهم رأفة بل يبادوا كما امر الرب موسى " ليس معنى هذا ان الرب يشاء هلاك البشر أو يسر بموتهم ، وانما هذا يعني النتيجة الطبيعية لعناد الانسان وقسوة قلبه . فهذه الشعوب التي امهلها الله اكثر من 400 سنة حيث كانت متوغلة في شرورها من ايام ابينا ابراهيم ومن قبله " تك 15 : 16 " .
انتصار يشوع على العناقيين " ع 21 ــ 22 "
" 21 وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل الى حبرون ومن دبير ومن عتاب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل اسرائيل . حرمهم يشوع مع مدنهم "   العناقيون " هم نسل عناق عرفوا بطول قامتهم وقوتهم ومسكنهم جنوب فلسطين بين اورشليم وحبرون " عاصمتهم "
" 22 فلم يتبق عناقيون في ارض بني اسرائيل لكن بقوا في غزة وجت واشدود " من الملاحظ ان هناك فصل بين ارض اسرائيل وارض فلسطين فالمدن غزة وجت واشدود هي اقطاب الفلسطينيين وهي المدن الهامة التي اعتبرت امهات المدن .
خاتمة الاصحاح " ع 23 فاخذ يشوع كل الارض حسب كل ما كلم به الرب موسى وأعطاها يشوع ملكاً لأسرائيل حسب فرقهم واسباطهم واستراحت الارض من الحرب "  يشير الوحي على اعتبار ما سيكون حين ستقسم الارض على الاسباط اما عن تعبير استراحت الارض فهو مجازي المقصود به استراح الاسرائيليون والشعوب الاخرى من الحرب الى حين . لآن حروباً اخرى قامت بعد يشوع سواء في ايام القضاة او الملوك .

الاصحاح الثاني عشر من سفر يشوع
الآيات (1-9): " و هؤلاء هم ملوك الارض الذين ضربهم بنو اسرائيل و امتلكوا ارضهم في عبر الاردن نحو شروق الشمس من وادي ارنون الى جبل حرمون و كل العربة نحو الشروق. سيحون ملك الاموريين الساكن في حشبون المتسلط من عروعير التي على حافة وادي ارنون و وسط الوادي و نصف جلعاد الى وادي يبوق تخوم بني عمون. والعربة إلى بحر كنروت نحو الشروق وإلى بحر العربة بحر الملح نحو الشروق طريق بيت يشيموت ومن التيمن تحت سفوح الفسجة. و تخوم عوج ملك باشان من بقية الرفائيين الساكن في عشتاروث و في اذرعي. و المتسلط على جبل حرمون و سلخة و على كل باشان الى تخم الجشوريين و المعكيين و نصف جلعاد تخوم سيحون ملك حشبون. موسى عبد الرب و بنو اسرائيل ضربوها و اعطاها موسى عبد الرب ميراثا للراوبينيين و الجاديين و لنصف سبط منسى. و هؤلاء هم ملوك الارض الذين ضربهم يشوع و بنو اسرائيل في عبر الاردن غربا من بعل جاد في بقعة لبنان الى الجبل الاقرع الصاعد الى سعير و اعطاها يشوع لاسباط اسرائيل ميراثا حسب فرقهم. في الجبل و السهل و العربة و السفوح و البرية و الجنوب الحثيون و الاموريون و الكنعانيون و الفرزيون و الحويون و اليبوسيون. ملك اريحا واحد ملك عاي التي بجانب بيت ايل واحد."
     في دراستنا لسفر العدد (ص 32)، رأينا أن طلب السبطين والنصف من موسى النبي الإستيلاء على أرض جلعاد شرقي الأردن لم يكن جذافًا، لكنه كشف عن نصيب كنيسة العهد القديم التي لم تتمتع بأردن المسيح، لكنها خلال الرموز والنبوات نالت نصيبًا مع كنيسة العهد الجديد (غرب الأردن) في الميراث الأبدي. إن نهر الأردن هو الفاصل الذي يميز بين الإثنين، أو بمعنى أصح بين النوعين من الأعضاء المنتمين لكنيسة واحدة تمتذ منذ آدم إلى آخر الدهور. لقد أراد الوحي الإلهي أن يضم الحديث عن الميراث شرقي وغربي الأردن معًا ليعلن وحدة الكنيسة؛ وإن كان أعضاؤها الأولون قد تمتعوا بالميراث خلال موسى (الناموس) الذي قادهم إلى الرجاء في مجيء يشوع الحقيقي، والأعضاء الآخرون تمتعوا بالميراث خلال يشوع نفسه. حر كنروت= أو بحر الجليل أو بحيرة طبرية. بحر العربة= بحر لوط فالبحر غمر سدوم وعمورة.
الآيات (10-24): "ملك أورشليم واحد ملك حبرون واحد. ملك يرموت واحد ملك لخيش واحد. ملك عجلون واحد ملك جازر واحد. ملك دبير واحد ملك جادر واحد. ملك حرمة واحد ملك عراد واحد. ملك لبنة واحد ملك عدلام واحد. ملك مقيدة واحد ملك بيت ايل واحد. ملك تفوح واحد ملك حافر واحد. ملك افيق واحد ملك لشارون واحد. ملك مادون واحد ملك حاصور واحد. ملك شمرون مراون واحد ملك اكشاف واحد. ملك تعنك واحد ملك مجدو واحد. ملك قادش واحد ملك يقنعام في كرمل واحد. ملك دور في مرتفعات دور واحد ملك جوييم في الجلجال واحد. ملك ترصة واحد جميع الملوك واحد و ثلاثون."ملك أورشليم واحد= يشوع أكتفى بقتله ولكن أورشليم سقطت في يد يهوذا في عهد القضاة بعد ذلك (قض8:1) ثم استردها اليبوسيين إلى أن أخذها داود بعد ذلك ولكن يشوع نفسه لم يسقط المدينة.  ذكرت أسماء المدن وملوكها القدامي الذين غلبهم يشوع ليسلمها للأسباط وكأن الوحي يؤكد أن الله الآب عنده منازل كثيرة. ولقد طرد الرب الملوك رمز لطرد الشياطين لكي نرث للأبد. وكل مدينة لها معناها الرمزي الذي يشير لميراثنا الأبدي. وكل ملك يشير لخطية معينة أو شيطان معين يلزمنا أن نسحقه حتى لا يرث فينا بل نسترد الميراث الذي لنا في المسيح. ونلاحظ هنا ذكر الشعوب الآتية الحثيون والأموريون والكنعانيون والفرزيون والحويون واليبوسيون (آية 8) ويقول التقليد اليهودي أنه بالمقارنة مع (تك20:15) ينقص ذكر الكتاب المقدس المنطقة التي استولى عليها السبعة أسباط ونصف غرب الأردن وقد ذُكرت أسماء المدن وملوكها القدامى الذين غلبهم يشوع بن نون ليُسلمها للأسباط وكأن الوحي يؤكد أنه عند الآب منازل كثيرة لكي يكون لكل منا منزله المقدس أو موضع راحة وميراث خاص به في المسيح يسوع. لقد طرد الملوك الأشرار (الشياطين) لكي نرث إلى الأبد! كل مدينة لها معناها الرمزي الذي يُشير إلى ميرثنا الأبدي، وكل ملك باسمه له أيضًا معناه الرمزي الذي يُشير إلى خطية معينة أو شيطان معين يلزمنا أن نسحقه حتى لا يرث شيئًا فينا بل نسترد الميراث الذي لنا في المسيح يسوع ربنا. هذه الشعوب الجرجاشيين الذين إذ رأوا قوة الشعب أدركوا أنه لا أمل في الصراع معهم فانسحبوا ليعيشوا في إفريقيا.
تقسيم الممالك على الأسباط.1يهوذا: حبرون/ يرموت/ لخيش/ عجلون/ دبير/ عراد/ لبنة/ عدلام/ جزء من أورشليم وجادر 2بنيامين: أريحا/ عاي/ جزء من أورشليم/ مقيدة/ بيت إيل/ الجلجال
3شمعون: حرمة/ جزء من جادر
 4إفرايم: جازر/ ترصة
.5نصف سبط منسى: تفوحة/ حافر/ تعنك/ مجدو
.6أشير: أفيق/ أكشاف
.7 زبولون: لشارون/ شمرون مرأون/ يقنعام
8. نفتالي: ادو / حاصور/ قادش.9يساكر: دور.

هناك تعليقان (2):